فنادته الملائكة [ 39 ]
[ ص: 373 ] وقرأ عبد الله بن مسعود : ( فناداه الملائكة ) وهو اختيار ، وابن عباس ، وروي عن أبي عبيد جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم : كان يذكر الملائكة في كل القرآن ، قال عبد الله : أنا أختار ذلك خلافا على المشركين لأنهم قالوا : الملائكة بنات الله . قال أبو عبيد : هذا احتجاج لا يحصل منه شيء ؛ لأن أبو جعفر العرب تقول : قالت الرجال ، وقال الرجال ، وكذا النساء ، وكيف يحتج عليهم بالقرآن ؟ ولو جاز أن يحتج عليهم بهذا لجاز أن يحتجوا بقوله : وإذ قالت الملائكة ، ولكن الحجة عليهم في قوله - جل وعز - : أشهدوا خلقهم أي فلم يشاهدوا خلقهم ، فكيف يقولون : إنهم إناث ؟ ! فقد علم أن هذا ظن وهوى . وأما " فناداه " فهو جائز على تذكير الجميع ، و " نادته " على تأنيث الجماعة . وهو قائم ابتداء وخبر يصلي في موضع رفع ، وإن شئت كان نصبا على أنه حال من المضمر . أن الله وقرأ حمزة : ( إن الله ) أي قالت الملائكة : إن الله والكسائي يبشرك بيحيى هذه قراءة أهل المدينة ، وقرأ : ( يبشرك ) ، وقرأ حمزة حميد بن قيس المكي الأعرج : ( يبشرك ) بضم الياء وإسكان الباء . قال : هي ثلاث لغات بمعنى واحد . وقال الأخفش : يقال : بشرته أي أخبرته بما أظهر في بشرته السرور ، وبشرته على التكثير . قال محمد بن يزيد : يقال : بشرته أبشره وأبشره . قال أبو إسحاق : سمعت غنيا تقول : بشرته أبشره . قال الكسائي : يقال : بشرته فبشر وأبشر أي سررته فسر ، ومنه : الأخفش وأبشروا بالجنة قال : لا يقال من هذا إلا أبشر ، وحكي عن [ ص: 374 ] الفراء : بشرته فأبشر ، مثل : قررته فأقر ، وفطرته فأفطر ، أي طاوعني . محمد بن يزيد بيحيى لم ينصرف لأنه فعل مستقبل سمي به ، وقيل : لأنه أعجمي ، ومذهب الخليل أنك إن جمعته قلت : يحيون بفتح الياء في كل حال ، وقال الكوفيون : إن كان عربيا فتحت الياء ، وإن كان أعجميا ضممتها لأنه لا يعرف أصلها . وسيبويه مصدقا حال بكلمة من الله عيسى - صلى الله عليه وسلم - قيل : فرض عليه أن يتبعه وسيدا وحصورا ونبيا عطف من الصالحين قال : الصالح الذي يؤدي لله - جل وعز - ما افترض عليه ، وإلى الناس حقوقهم . أبو إسحاق