ورسولا إلى بني إسرائيل [ 49 ]
[ ص: 379 ] في نصبه قولان ؛ أحدهما أن التقدير : ويجعله رسولا ، والآخر : ويكلمهم رسولا . أني قد جئتكم أي بأني ، فـ " أن " في موضع نصب أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير بدل منها ، ويجوز أن يكون في موضع خفض على البدل من آية ، ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ ، أي هي أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير . فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله هذه قراءة وأهل أبي عمرو الكوفة ، وقرأ : ( كهيئة الطائر فأنفخ فيه فيكون طائرا ) وقرأ يزيد بن القعقاع : ( كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طائرا ) والقراءتان الأوليان أبين ، والتقدير في هذه : فأنفخ في الواحد منها ، أو منه ؛ لأن الطير يذكر ويؤنث ، فيكون الواحد طائرا ، وطائر وطير مثل تاجر وتجر . نافع وأنبئكم بما تأكلون أي بالذي تأكلونه ، ويجوز أن يكون " ما " والفعل مصدرا . وما تدخرون وقرأ مجاهد والزهري : ( وما تذخرون ) بالذال معجمة مخففا . قال وأيوب السختياني : أصلها الذال يعني تذخرون من ذخرت ، فالأصل تذتخرون ، فثقل على اللسان الجمع بين الذال والتاء فأدغموا ، وكرهوا أن تذهب التاء في الذال فيذهب معنى الافتعال فجاؤوا بحرف عدل بينهما وهو الدال ، فقالوا " تدخرون " . قال الفراء : هذا القول غلط بين ؛ لأنهم لو أدغموا على ما قال لوجب أن يدغموا الذال في التاء ، وكذا باب الإدغام أن يدغم الأول في الثاني ، فكيف تذهب التاء . والصواب في هذا مذهب أبو جعفر الخليل : أن الذال حرف مجهور يمنع النفس أن يجري ، والتاء حرف مهموس يجري معه النفس ، فأبدلوا من مخرج التاء حرفا مجهورا أشبه الذال في جهرها ، فصار " تذدخرون " ، ثم أدغمت الذال في الدال [ ص: 380 ] فصار " تدخرون " . قال وسيبويه الخليل : وإن شئت أدغمت الدال في الذال ، فقلت : " تذخرون " ، وليس هذا بالوجه . وسيبويه