قد ذكرناه إلا أن علي بن سليمان قال : المعنى ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا على قولكم . واستبعد أن يكون المعنى نحيا ونموت على التقديم والتأخير ، وقال : إنما يجوز هذا فيما يعرف معناه نحو ( واسجدي واركعي ) . قال : وأهل العربية يخالفونه في هذا ، ويجيزون [ ص: 149 ] في الواو التقديم والتأخير في كل موضع . قال أبو جعفر : معنى ( الفراء وما يهلكنا إلا الدهر ) أي طول الدهر ومر الأيام والليالي والشهور والسنين وتكلم جماعة في معنى الآية فقال بعضهم : هؤلاء قوم لم يكونوا يعرفون الله جل وعز ولو عرفوه لعلموا أنه يهلكهم ويميتهم . وقال قوم : يجوز أن يكونوا يعرفون الله جل وعز وعندهم أن هذه الآفات التي تلحقهم إنما هي بعلل ودوران فلك ، يقولون هذا بغير حجة ولا علم . وقال قوم : هؤلاء جماعة من العرب يعرفون الله جل وعز يدل على قولهم ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) وفيهم من يؤمن بالبعث قال زهير :
يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر ليوم الحساب أو يعجل فينقم
غير أنهم كانوا جهلة لا يعلمون أن الآفات مقدرة من الله عز وجل . وهذا أصح ما روي في الآية وأشبه بنسقها ، وقد قامت به الحجة بالظاهر ولأنه مروي عن أنه قال في قوله جل وعز ( ابن عباس وما لهم بذلك من علم ) قال : قالوا : لا نبعث ، بغير علم فقال الله جل وعز ( وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون ) .