وترى كل أمة جاثية كل أمة [28]
على الابتداء ، وأجاز "كل أمة" على التكرير على كل الأولى . وقد ذكرنا معنى ( الكسائي تدعى إلى كتابها ) وإن أولى ما قيل فيه أنه إلى ما كتب عليها من خير وشر ، كما روي عن : يعرض من خميس إلى خميس ما كتبته الملائكة عليهم السلام على بني ابن عباس آدم فينسخ منه ما يجزى عليه من الخير والشر ويلغى سائره . فالمعنى على هذا كل أمة تدعى إلى ما كتب عليها وحصل فتلزمه من طاعة أو معصية ، وإن كان كفرا أوقف عليه وأتبع ما كان يعبد ، كما قرئ على إسحاق بن إبراهيم بن يونس عن عن إسحاق بن أبي إسرائيل عن سفيان بن عيينة سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن قال : أبي هريرة قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا جل وعز يوم القيامة فقال : "هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب" قالوا : لا . قال : فهل تضارون في الظهيرة ليس دونها سحاب" قالوا : لا . قال : فوالذي نفس محمد بيده لترونه كما ترونها" . قال : "ويلقى العبد ربه يوم [ ص: 151 ] القيامة ، فيقول : أي قل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع فيقول : بلى أي رب ، قال : فيقول هل كنت تعلم أنك ملاقي فيقول : لا يا رب فيقول : فإني أنساك كما نسيتني ، ثم يقول للثاني مثل ذلك فيقول له مثل ذلك ويرد عليه مثل ذلك ، ثم يقول للثالث مثل ذلك فيقول : أي رب آمنت بك وبكتابك وصمت وصليت وتصدقت . قال : فيقول : أفلا تبعث شاهدنا عليك قال : فيكفر في نفسه فيقول : من ذا الذي يشهد علي؟ فيختم الله جل وعز على فيه ويقول لفخذه : انطقي فتنطق فخذه وعظامه ولحمه بما كان ، وذلك ليعذر من نفسه وذلك الذي يسخط عليه وذلك المنافق . قال : ثم ينادي مناد ألا اتبعت كل أمة ما كانت تعبد فيتبع الشياطين والصلب أولياؤهما ، وبقينا أيها المؤمنون . قال : فيأتينا ربنا جل وعز فيقول : من هؤلاء؟ فيقولون : عبادك المؤمنون آمنا بك ولم نشرك بك شيئا ، وهذا مقامنا حتى يأتينا ربنا جل وعز فيثيبنا . قال : فينطلقون حتى يأتوا الجسر وعليه كلاليب من نار تخطف الناس فهناك حلت الشفاعة أي اللهم سلم فإذا جاوزوا الجسر فكل من أنفق زوجا مما يملك من المال في سبيل الله فكل خزنة الجنة تدعوه يا عبد الله يا مسلم . هذا خير ، فتعال . قال رضي الله عنه : يا رسول الله إن هذا العبد لا ترى عليه يدع بابا ويلج من آخر قال : فضرب كتفه وقال : "والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكون منهم" أبو بكر [ ص: 152 ] وقرئ على أحمد بن شعيب بن عيسى بن حماد قال أخبرنا عن الليث بن سعد إبراهيم بن سعد عن عن ابن شهاب عطاء بن يزيد عن قال : أبي هريرة . قال "قال الناس يا رسول الله هل نرى ربنا جل وعز يوم القيامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ وهل تضارون في القمر ليلة البدر؟ قالوا : لا . قال : فكذلك ترونه" قال : يجمع الله جل وعز الناس يوم القيامة فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبع من يعبد الشمس الشمس ، ويتبع من يعبد القمر القمر ، ويتبع من يعبد الطواغيت الطواغيت وتبقى هذه الأمة بمنافقيها فيأتيهم الله جل وعز في الصور التي يعرفون فيقول : أنا ربكم فيقولون : أنت ربنا فيتبعونه ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيز ولا يتكلم إلا الرسل عليهم السلام . ودعوة الرسل يومئذ اللهم سلم سلم ، وفي جهنم كلاليب كشوك السعدان هل رأيتم السعدان؟ فإنه مثل شوك السعدان غير أنه لا يدري ما قدر عظمها إلا الله عز وجل . فيخطف الناس بأعمالهم . فإذا أراد الله جل وعز أن يخرج من النار برحمته من شاء أمر الملائكة أن يخرجوا من كان لا يشرك بالله شيئا . فمن يقول لا إله إلا الله ممن أراد أن يرحمه فيعرفونهم في النار بآثار السجود حرم الله عز وجل النار على ابن آدم أن تأكل آثار السجود ، فيخرجونهم من النار ، وقد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل" : فأما تفسير تضارون فنمليه مما أخذناه عن أبو جعفر بشرح كل رواية فيه مما لا يحتاج إلى زيادة . قال : والذي جاء في الحديث مخفف "تضارون [ ص: 153 ] وتضامون" وله وجه حسن في العربية . وهذا موضع يحتاج أن يستقصى تفسيره فإنه أصل في السنة والجماعة . ومعناه لا ينالكم ضير ولا ضيم في رؤيته أي ترونه حتى تستووا في الرؤية فلا يضير بعضكم بعضا . قال : وقال أهل اللغة قولين آخرين قالوا : لا تضارون بتشديد الراء ولا تضامون بتشديد الميم مع ضم التاء . قال : وقال بعضهم بفتح التاء وبتشديد الراء والميم على معنى تتضارون وتتضامون . وتفسير هذا أنه لا يضار بعضكم بعضا أي لا يخالف بعضكم بعضا في ذلك . يقال : ضاررت الرجل أضاره مضارة وضرارا إذا خالفته . ومعنى لا تضامون في رؤيته لا ينضم بعضكم إلى بعض فيقول واحد للآخر أرينه ، كما يفعلون عند النظر إلى الهلال . أبي إسحاق