لقد كنت في غفلة من هذا [22]
اختلف أهل العلم في هذه المخاطبة لمن هي فقالوا فيها ثلاثة أقوال : قال زيد بن أسلم وعبد الرحمن بأن هذه المخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وحكى عن عبد الله بن وهب يعقوب عن عبد الرحمن قال : قلت لزيد بن أسلم وهذه المخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما أنكرت من هذا ، وقد قال الله سبحانه ( ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ) . قال : فهذا قول ، وروى ابن أبي طلحة عن ( ابن عباس لقد كنت في غفلة من هذا ) قال : هذا مخاطبة للكفار ، وكذا قال ، وقال مجاهد : مخاطبة للمشركين؛ وقال الضحاك صالح بن كيسان بعد أن أنكر على ما قاله ، وقال : ليس عالما بكلام العرب ولا له رواية وإنما هذه مخاطبة للكفار . فهذان قولان ، والقول الثالث ما قاله زيد بن أسلم الحسن بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس قال : هذا مخاطبة للبر والفاجر ، وهو قول . قال قتادة : أما قول أبو جعفر فتأويله على أن الكلام تم عنده عند قوله جل وعز ( زيد بن أسلم وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ) ثم ابتدأ يا محمد لقد كنت في غفلة من هذا الدين ومما أوحي إليك من قبل أن تبعث إذ كنت في الجاهلية ( فكشفنا عنك غطاءك ) أي فبصرناك ( فبصرك اليوم حديد ) أي فعلمك نافذ . والبصر ههنا بمعنى العلم وأولى ما قيل في الآية أنها على العموم للبر والفاجر يدل على ذلك ( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ) فهذا عام لجميع الناس برهم [ ص: 227 ] وفاجرهم فقد علم أن معنى ( وجاءت سكرة الموت بالحق ) وجاءتك أيها الإنسان سكرة الموت ثم جرى الخطاب على هذا في ( لقد كنت في غفلة من هذا ) أي لقد كنت أيها الإنسان في غفلة مما عاينت فإن كان محسنا ندم إذ لم يزدد ، وإن كان مسيئا ندم إذ لم يقلع هذا لما كشف عنهما الغطاء ، فبصرك اليوم نافذ لما عاينت . وقال : فبصرك لسان الميزان . قيل : فتأول بعض العلماء هذا على التمثيل بالعدل أي أنت أعرف خلق الله جل وعز بعملك فبصرك به كلسان الميزان الذي يعرف به الزيادة والنقصان . الضحاك