وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب [6]
هذا عند أهل التفسير في بني النضير؛ لأنه لم يوجف عليهم بخيل ولا جمال ، وإنما صولحوا على الجلاء فملك الله تعالى مالهم النبي صلى الله عليه وسلم يحكم فيه بما أراد وكان فيه فدك فصح عن الصحابة منهم رضي الله عنه عمر رضي الله عنها به على أنه ميراث فقال لها فاطمة رضي الله عنه : أنت أعز الناس علي غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة" ولكني أقره على ما كان يفعله فيه أبو بكر ، وتابعه أصحابه بالشهادة على أن النبي صلى الله عليه وسلم كذا قال حتى صار ذلك إجماعا ، وعمل به الخلفاء الأربعة لم يغيروا منه شيئا وأجروه مجراه في وقت النبي صلى الله عليه وسلم فأما معنى " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ منه ما يكفيه وأهله ويجعل الباقي في السلاح الذي يقاتل به العدو وفي الكراع . فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم طالبت فقد تكلم فيه العلماء فقال بعضهم : معنى "لا [ ص: 393 ] نورث" كمعنى لا أورث كما يقول الرجل الجليل : فعلنا كذا ، وقيل : هو لجميع الأنبياء؛ لأنه لم يورث أحد منهم شيئا من المال ، وقالوا : معنى ( لا نورث ما تركنا صدقة" خفت الموالي من ورائي ) معناه خفت ألا يعملوا بطاعة الله جل وعز . ويدل على هذا ( واجعله رب رضيا ) . ومعنى "يرثني" النبوة والشريعة وكذلك ( وورث سليمان داود ) ومعنى فيه أقوال : فمن أصحها أنه بمنزلة الصدقة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يملك شيئا . وإنما أباحه الله جل وعز هذا فكان ينفق منه على نفسه ومن يعوله ، ويجعل الباقي في سبيل الله . فهذا قول ، وقيل : بل قد كان تصدق بكل ما يملكه ، وقيل : "ما" بمعنى الذي أي لا نورث الذي تركناه صدقة وحذفت الهاء لطول الاسم ويقال : "وجف" إذا أسرع ، وأوجفه غيره ( "ما تركنا صدقة" ولكن الله يسلط رسله على من يشاء ) أي كما سلطه على بني النضير .