525 - حذر أمورا لا تضير وآمن ما ليس منجيه من الأقدار
وأنشد : الفراء
526 - أو مسحل عمل عضادة سمحج بسراته ندب لها وكلوم
إلا أن أنشده: (أو مسحل شنج) وقال قوم: هو لحن؛ لأنه إنما يقال: حذر - وكذا باب فعل - لمن كان في خلقته الحذر، فأما اللابث فليس من ذلك في شيء. سيبويه
قال : أما القول الأول فغلط، ولا يشبه هذا قولك: حذر زيدا؛ لأن أحقابا ظرف، وما لا يتعدى يتعدى إلى الظرف. وأما الثاني فهو يلزم إلا أنه يجوز على بعد. أبو جعفر
والقراءة بلابثين بينة حسنة، فأما حجة من احتج بلبثين بما رواه ، عن شعبة قال: في قراءة أبي إسحاق عبد [ ص: 130 ] الله (لبثين) فلا حجة فيه؛ لأن لم يلق أبا إسحاق ، ولو كان إسناده متصلا كانت فيه حجة، وهذه الأشياء تؤخذ من قراءة عبد الله بما لا تقوم به حجة من إسناد منقطع، أو من صحف قد يكتب فيها (لابثين) بغير ألف، فيتوهم قارئه أنه لبثين، وفي هذه الآية إشكال لقوله جل وعز: ( عبد الله لابثين فيها أحقابا ) وهم لا يخرجون منها، فمن أحسن ما قيل فيها أن قال: لابثين فيها أحقابا لا انقطاع لها، فعلى هذا التقدير يكون الجمع وحقبة حقب، وأحقاب جمع الجمع كما قال: قتادة
527 - وكنا كندماني جذيمة حقبة من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
ويجوز أن يكون أحقاب جمع حقب ، وقد ذكرنا ما قال أهل التفسير في معناه، فأما أهل اللغة فقولهم: إن الحقب والحقبة يقعان للقليل من الدهر والكثير.
قال : وسمعت أبو جعفر علي بن سليمان يقول: سألنا عن قول الله جل وعز: ( أبا العباس محمد بن يزيد لابثين فيها أحقابا ) فقال: ما معنى هذا التحديد؟ ونحن إذا حددنا الشيء فقلنا: أنا أقيم عندك يوما كان في قوة الكلام أنك لا تقيم بعد اليوم، ثم لم يجبنا عنها مذ نيف وثلاثون سنة، ونظرت فيها فوقع لي أنه يعني به الموحدين العصاة، ثم نظرت فإذا بعده أنهم كانوا لا يرجون حسابا، فعلمت أن ذلك ليس هو الجواب.
قال: فالجواب [ ص: 131 ] عندي أن المعنى ( لابثين ) في الأرض أحقابا، فعاد الضمير على الأرض؛ لأنه قد تقدم ذكرها والضمير في: