وقرأ الحسن وأبو رجاء وأبو عمرو وابن كثير ( فك رقبة أو أطعم في يوم ذي مسغبة ) ثم تكلم النحويون في هذا فاختار والكسائي هذه القراءة، واحتج بأن بعده ( ثم كان ) أي فلما عطف بكان وهي فعل ماض على الأول وجب أن يكون ( فك ) ليعطف فعلا ماضيا على فعل ماض، واختار الفراء الأخفش وأبو حاتم القراءة الأخرى، قال وأبو عبيد : الديانة تحظر الطعن على القراءة التي قرأ بها الجماعة، ولا يجوز أن تكون مأخوذة إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد قال - عليه السلام -: « أبو جعفر » فهما قراءتان حسنتان، لا يجوز أن تقدم إحداهما على الأخرى. أنزل القرآن على سبعة أحرف
[ ص: 232 ] فأما اعتراض بكان وبالنسق على الأول فلا يلزم؛ لأنه لا يجوز أن يكون معطوفا على المعنى؛ لأن المعنى فعل هذا، وقد نقض هو قوله بأن أجاز القراءة الأخرى على إضمار أن، وأنشد: الفراء
567 - ألا أيهذا اللائمي أحضر الوغى وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
يريد ( أن أحضر ) ولو كان الأمر كما قال لنصب ( أحضر ) وإضمار أن لا يجوز إلا بعوض؛ لأنها بعض اسم، واعترض فقال: الاختيار فك رقبة؛ لأنه يتبين للعقبة. أبو عبيد
وحكي عن أنه قال: كل ما قال جل وعز: ( وما أدراك ) فقد بينه، وما قال فيه ( وما يدريك ) فلم يبينه. سفيان بن عيينة
قال : فهذا غلط، قد قال الله عز وجل: ( أبو جعفر وما أدراك ما القارعة ) وقال تعالى ذكره: ( وما أدراك ما الحاقة ) وليس بعد هذا يتبين.
وروي عن الحسن وأبي رجاء أنهما قرأا ( وأطعم في يوم ذا مسغبة ) قال : وإن [ ص: 233 ] كان لم يذكر من قرأ ( ذا مسغبة ) هو صفة ليتيم، أي يتيما ذا مسغبة. قال الفراء : والغلط في هذا بين جدا؛ لأنه لا يجوز أن تتقدم الصفة قبل الموصوف، ولست أدري كيف وقع هذا له حتى ذكره في كتاب المعاني، ولكن يكون ( ذا مسغبة ) منصوبا بأطعم، و( يتيما ) بدلا منه. أبو جعفر