من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه [ 46 ] .
وقرأ أبو عبد الرحمن ، : ( يحرفون الكلام عن مواضعه ) قال والنخعي : والكلم في هذا أولى ؛ لأنهم إنما يحرفون كلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أو ما عندهم في التوراة ، وليس يحرفون جميع الكلام . ومعنى " يحرفون " يتأولون على غير تأويله ، وذمهم الله - جل وعز - بذلك لأنهم يفعلونه متعمدين . أبو جعفر واسمع غير مسمع نصب على الحال . قال : وقد ذكرنا قول أبو جعفر : " معناه : لا سمعت " ، وشرحه : اسمع لا سمعت . هذا مرادهم ، ويظهرون أنهم يريدون : اسمع غير مسمع مكروها ولا أذى . وأما قول ابن عباس : معناه : غير مسمع منك ؛ أي غير مجاب إلى ما تقوله ، فلو كان كذا لكان في اللفظ غير مسموع منك . الحسن وراعنا قال : أي وراعنا سمعك أي ارعنا . وقيل : يريدون بقولهم : " وراعنا " أي وراعنا مواشينا ؛ استخفافا [ ص: 461 ] بمخاطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال الأخفش : وشرح هذا - والله أعلم - أنهم يظهرون بقولهم : " راعنا " أرعنا سمعك ، ويريدون المراعاة ، يدل على هذا قوله - عز وجل - : أبو جعفر ليا بألسنتهم وطعنا في الدين أي أنهم يلوون ألسنتهم ؛ أي يميلونها إلى ما في قلوبهم ، ويطعنون في الدين ؛ أي يقولون لأصحابهم : لو كان نبيا لدرى أنا نسبه ، فأظهر الله - جل وعز - النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، وكان من علامات نبوته ، ونهاهم عن هذا القول . ليا مصدر ، وإن شئت كان مفعولا من أجله ، وأصله : لويا ، ثم أدغمت الواو في الياء . وطعنا معطوف عليه . ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا " أن " في موضع رفع ، أي لو وقع هذا . وقيل : إنما وقعت " أن " في موضع الفعل ؛ لأنه لا بد من أن يكون بعدها جملة .