يقول: إن الفصل لا يصلح إلا مع الأفعال التي لا تتم؛ نحو: " كان زيد هو العالم " ؛ و " ظننت زيدا هو العالم " ؛ وقال وسيبويه : دخل الفصل في قوله - عز وجل -: سيبويه تجدوه عند الله هو خيرا ؛ وفي قوله: ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم ؛ وفي قوله: ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنـزل إليك من ربك هو الحق ؛ وفي قوله: وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ؛ [ ص: 75 ] وما أشبه هذا؛ مما ذكر الله - عز وجل.
وكذلك لك في الكلام في الابتداء والخبر؛ وفي قولك: " كان زيد هو العالم " ؛ ذكر " هو " ؛ و " أنت " ؛ و " أنا " ؛ و " نحن " ؛ دخلت إعلاما بأن الخبر مضمون؛ وأن الكلام لم يتم؛ وموضع دخولها إذا كان الخبر معرفة؛ أو ما أشبه المعرفة؛ وأن " هو " ؛ بمنزلة " ما " ؛ اللغو؛ في قوله - عز وجل -: فبما رحمة من الله لنت لهم ؛ فإنما دخولها مؤكدة. وقوله - عز وجل -: المفلحون ؛ يقال لكل من أصاب خيرا: " مفلح " ؛ وقال - عز وجل -: قد أفلح المؤمنون ؛ وقال: قد أفلح من زكاها ؛ والفلاح: البقاء؛ قال لبيد بن ربيعة : [ ص: 76 ]
نحل بلادا كلها حل قبلنا ... ونرجو الفلاح بعد عاد وتبعا
أي: نرجو البقاء؛ وقال عبيد:
أفلح بما شئت فقد يد ... رك بالضعف وقد يخدع الأريب
أي: أصب خيرا بما شئت؛ و " الفلاح " : الأكار؛ والفلاحة صناعته؛ وإنما قيل له: " الفلاح " ؛ لأنه يشق الأرض؛ ويقال: " فلحت الحديد " ؛ إذا قطعته؛ قال الشاعر:
قد علمت خيلك أني الصحصح ... إن الحديد بالحديد يفلح
ويقال للمكاري: " الفلاح " ؛ وإنما قيل له: " فلاح " ؛ تشبيها بالأكار؛ قال الشاعر:
لها رطل تكيل الزيت فيه ... وفلاح يسوق لها حمارا