وقوله - عز وجل -: الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ؛ المعنى: الذين يأكلون الربا لا يقومون في الآخرة إلا كما يقوم المجنون من حال جنونه؛ زعم أهل التفسير أن ذلك علم لهم في الموقف؛ يعرفهم به أهل الموقف؛ يعلم به أنهم أكلة الربا في الدنيا؛ يقال: " بفلان مس " ؛ و " هو ألمس " ؛ و " أولق " ؛ إذا كان به جنون. وقوله - عز وجل -: فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى ؛ جاز تذكير " جاءه " ؛ وقال (تعالى) - في موضع آخر -: قد جاءتكم موعظة من ربكم ؛ لأن كل تأنيث ليس بحقيقي فتذكيره جائز؛ ألا ترى أن الوعظ والموعظة معبران عن معنى واحد؟ وقوله - عز وجل -: فله ما سلف وأمره إلى الله ؛ أي: قد صفح له عما سلف؛ " وأمره إلى الله " ؛ أي: الله وليه.
ومعنى: ومن عاد فأولئك أصحاب النار ؛ أي: من عاد إلى استحلال الربا فهو كافر؛ لأن من أحل ما حرم الله فهو [ ص: 359 ] كافر؛ وهؤلاء قالوا: إنما البيع مثل الربا ؛ ومن اعتقد هذا فهو كافر.