وقوله - جل وعلا -:
nindex.php?page=treesubj&link=28908_24660_32022nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=104ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ؛ اللام مسكنة؛ وأصلها الكسر؛ الأصل: " ولتكن منكم " ؛ ولكن الكسرة حذفت لأن الواو صارت مع الكلمة كحرف واحد؛ وألزمت الحذف؛ وإن قرئت:
[ ص: 452 ] " ولتكن " ؛ بالكسر؛ فجيد على الأصل؛ ولكن التخفيف أجود؛ وأكثر في كلام العرب؛ ومعنى " ولتكن منكم أمة " - والله أعلم -: ولتكونوا كلكم أمة تدعون إلى الخير؛ وتأمرون بالمعروف؛ ولكن " من " ؛ تدخل ههنا لتخص المخاطبين من سائر الأجناس؛ وهي مؤكدة أن الأمر للمخاطبين؛ ومثل هذا من كتاب الله:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30فاجتنبوا الرجس من الأوثان ؛ ليس يأمرهم باجتناب بعض الأوثان؛ ولكن المعنى: اجتنبوا الأوثان؛ فإنها رجس؛ ومثله من الشعر قول الشاعر:
أخو رغائب يعطيها ويسألها ... يأبى الظلامة منه النوفل الزفر
أي: هو النوفل الزفر؛ لأنه قد وصفه بإعطاء الرغائب؛ و " النوفل " : الكثير الإعطاء للنوافل؛ و " الزفر " : الذي يحمل الأثقال؛ والدليل على أنهم أمروا كلهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قوله - جل وعلا -:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ؛ ويجوز أن تكون أمرت منهم فرقة؛ لأن قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=104ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ؛ ذكر الدعاة إلى الإيمان؛ والدعاة ينبغي أن يكونوا علماء بما يدعون إليه؛
[ ص: 453 ] وليس الخلق كلهم علماء؛ والعلم ينوب فيه بعض الناس عن بعض؛ وكذلك الجهاد؛ وقوله - جل وعلا -:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=104وأولئك هم المفلحون ؛ أي: والذين ذكرناهم المفلحون؛ و " المفلح " : الفائز بما يغتبط به؛ و " هم " ؛ جائز أن يكون ابتداء؛ و " المفلحون " ؛ خبر " أولئك " ؛ و " هم " ؛ فصل؛ وهو الذي يسميه الكوفيون العماد.
وَقَوْلُهُ - جَلَّ وَعَلَا -:
nindex.php?page=treesubj&link=28908_24660_32022nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=104وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ؛ اَللَّامُ مُسَكَّنَةٌ؛ وَأَصْلُهَا الْكَسْرُ؛ الْأَصْلُ: " وَلِتَكُنْ مِنْكُمْ " ؛ وَلَكِنَّ الْكَسْرَةَ حُذِفَتْ لِأَنَّ الْوَاوَ صَارَتْ مَعَ الْكَلِمَةِ كَحَرْفٍ وَاحِدٍ؛ وَأُلْزِمَتِ الْحَذْفَ؛ وَإِنْ قُرِئَتْ:
[ ص: 452 ] " وَلِتَكُنْ " ؛ بِالْكَسْرِ؛ فَجَيِّدٌ عَلَى الْأَصْلِ؛ وَلَكِنَّ التَّخْفِيفَ أَجْوَدُ؛ وَأَكْثَرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وَمَعْنَى " وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ " - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -: وَلْتَكُونُوا كُلُّكُمْ أُمَّةً تَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ؛ وَتَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ؛ وَلَكِنَّ " مِنْ " ؛ تَدْخُلُ هَهُنَا لِتَخُصَّ الْمُخَاطَبِينَ مِنْ سَائِرِ الْأَجْنَاسِ؛ وَهِيَ مُؤَكِّدَةٌ أَنَّ الْأَمْرَ لِلْمُخَاطَبِينَ؛ وَمِثْلُ هَذَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ ؛ لَيْسَ يَأْمُرُهُمْ بِاجْتِنَابِ بَعْضِ الْأَوْثَانِ؛ وَلَكِنَّ الْمَعْنَى: اِجْتَنِبُوا الْأَوْثَانَ؛ فَإِنَّهَا رِجْسٌ؛ وَمِثْلُهُ مِنَ الشِّعْرِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَخُو رَغَائِبَ يُعْطِيهَا وَيَسْأَلُهَا ... يَأْبَى الظُّلَامَةَ مِنْهُ النَّوْفَلُ الزَّفَرُ
أَيْ: هُوَ النَّوْفَلُ الزَّفَرُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَصَفَهُ بِإِعْطَاءِ الرَّغَائِبِ؛ وَ " اَلنَّوْفَلُ " : اَلْكَثِيرُ الْإِعْطَاءِ لِلنَّوَافِلِ؛ وَ " اَلزَّفَرُ " : اَلَّذِي يَحْمِلُ الْأَثْقَالَ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُمْ أُمِرُوا كُلُّهُمْ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ قَوْلُهُ - جَلَّ وَعَلَا -:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ؛ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أُمِرَتْ مِنْهُمْ فِرْقَةٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=104وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ؛ ذَكَرَ الدُّعَاةَ إِلَى الْإِيمَانِ؛ وَالدُّعَاةُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونُوا عُلَمَاءَ بِمَا يَدْعُونَ إِلَيْهِ؛
[ ص: 453 ] وَلَيْسَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عُلَمَاءَ؛ وَالْعِلْمُ يَنُوبُ فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ بَعْضٍ؛ وَكَذَلِكَ الْجِهَادُ؛ وَقَوْلُهُ - جَلَّ وَعَلَا -:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=104وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ؛ أَيْ: وَالَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمُ الْمُفْلِحُونَ؛ وَ " اَلْمُفْلِحُ " : اَلْفَائِزُ بِمَا يَغْتَبِطُ بِهِ؛ وَ " هُمْ " ؛ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءً؛ وَ " اَلْمُفْلِحُونَ " ؛ خَبَرَ " أُولَئِكَ " ؛ وَ " هُمْ " ؛ فَصْلٌ؛ وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الْكُوفِيُّونَ الْعِمَادَ.