ثم أخبر بوقت ذلك العذاب؛ فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=28908_30349_30351_30532_30539_30564nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=106يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ؛ أي: يثبت لهم العذاب ذلك اليوم؛ وابيضاضها إشراقها؛ وإسفارها؛ قال الله - عز وجل -:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=38وجوه يومئذ مسفرة nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=39ضاحكة مستبشرة ؛ أسفرت؛ واستبشرت لما تصير إليه من ثواب الله؛ ورحمته؛ وتسود وجوه؛ اسودادها لما تصير إليه من العذاب؛ قال الله:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=40ووجوه يومئذ عليها غبرة [ ص: 454 ] والكلام: " تسود " ؛ و " تبيض " ؛ بفتح التاء؛ الأصل: " تسودد " ؛ و " تبيضض " ؛ إلا أن الحرفين إذا اجتمعا؛ وتحركا؛ أدغم الأول في الثاني؛ وكثير من العرب تكسر هذه التاء من " تسود " ؛ و " تبيض " ؛ والقراءة بالفتح؛ والكسر قليل؛ إلا أن كثيرا من العرب يكسر هذه التاء؛ ليبين أنها من قولك: " أبيض " ؛ و " أسود " ؛ فكأن الكسرة دليل على أنه كذلك في الماضي؛ وقرأ بعضهم: " تسواد " ؛ و " تبياض " ؛ وهو جيد في العربية؛ إلا أن المصحف ليست فيه ألف؛ فأنا أكرهها لخلافه؛ على أنه قد تحذف ألفات في القرآن؛ نحو ألف " إبراهيم " ؛ و " إسماعيل " ؛ ونحو ألف " الرحمن " ; ولكن الإجماع على إثبات هذه الألفات المحذوفة في الكتاب في اللفظ؛ و " تبيض " ؛ و " تسود " ؛ إجماع بغير ألف؛ فلا ينبغي أن يقرأ بإثبات الألف.
وقوله - جل وعلا -:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=106فأما الذين اسودت وجوههم ؛ تدل على أن القراءة: " تسود " ؛ ومن قرأ بالألف: " تسواد " ؛ و " تبياض " ؛ وجب أن يقرأ: " فأما الذين اسوادت وجوههم " ؛ وجواب " أما " ؛ محذوف مع القول؛ المعنى: فيقال لهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=106أكفرتم بعد إيمانكم ؛ وحذف القول لأن في الكلام دليلا عليه؛ وهذا كثير في القرآن؛ كقوله - عز وجل -:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23والملائكة يدخلون عليهم من كل باب nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=24سلام عليكم ؛ المعنى: يقولون:
[ ص: 455 ] سلام عليكم؛ وكذلك قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وإسماعيل ربنا تقبل منا ؛ المعنى: يقولان: ربنا تقبل منا؛ هذه الألف لفظها لفظ الاستفهام؛ ومعناها التقرير؛ والتوبيخ؛ وإنما قيل لهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=106أكفرتم بعد إيمانكم ؛ لأنهم كفروا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وقد كانوا به مؤمنين قبل مبعثه؛ وهذا خطاب لأهل الكتاب.
ثُمَّ أَخْبَرَ بِوَقْتِ ذَلِكَ الْعَذَابِ؛ فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=28908_30349_30351_30532_30539_30564nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=106يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ؛ أَيْ: يَثْبُتُ لَهُمُ الْعَذَابُ ذَلِكَ الْيَوْمَ؛ وَابْيِضَاضُهَا إِشْرَاقُهَا؛ وَإِسْفَارُهَا؛ قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=38وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=39ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ ؛ أَسْفَرَتْ؛ وَاسْتَبْشَرَتْ لِمَا تَصِيرُ إِلَيْهِ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ؛ وَرَحْمَتِهِ؛ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ؛ اسْوِدَادُهَا لِمَا تَصِيرُ إِلَيْهِ مِنَ الْعَذَابِ؛ قَالَ اللَّهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=40وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ [ ص: 454 ] وَالْكَلَامُ: " تَسْوَدُّ " ؛ وَ " تَبْيَضُّ " ؛ بِفَتْحِ التَّاءِ؛ الْأَصْلُ: " تَسْوَدِدُ " ؛ وَ " تَبْيَضِضُ " ؛ إِلَّا أَنَّ الْحَرْفَيْنِ إِذَا اجْتَمَعَا؛ وَتَحَرَّكَا؛ أُدْغِمَ الْأَوَّلُ فِي الثَّانِي؛ وَكَثِيرٌ مِنَ الْعَرَبِ تَكْسِرُ هَذِهِ التَّاءَ مِنْ " تِسْوَدُّ " ؛ وَ " تِبْيَضُّ " ؛ وَالْقِرَاءَةُ بِالْفَتْحِ؛ وَالْكَسْرُ قَلِيلٌ؛ إِلَّا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْعَرَبِ يَكْسِرُ هَذِهِ التَّاءَ؛ لِيُبَيِّنَ أَنَّهَا مِنْ قَوْلِكَ: " أَبْيَضُ " ؛ وَ " أَسْوَدُ " ؛ فَكَأَنَّ الْكَسْرَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي الْمَاضِي؛ وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ: " تَسْوَادُّ " ؛ وَ " تَبْيَاضُّ " ؛ وَهُوَ جَيِّدٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ؛ إِلَّا أَنَّ الْمُصْحَفَ لَيْسَتْ فِيهِ أَلِفٌ؛ فَأَنَا أَكْرَهُهَا لِخِلَافِهِ؛ عَلَى أَنَّهُ قَدْ تُحْذَفُ أَلِفَاتٌ فِي الْقُرْآنِ؛ نَحْوَ أَلِفِ " إِبْرَاهِيمُ " ؛ وَ " إِسْمَاعِيلُ " ؛ وَنَحْوَ أَلِفِ " اَلرَّحْمَنُ " ; وَلَكِنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى إِثْبَاتِ هَذِهِ الْأَلِفَاتِ الْمَحْذُوفَةِ فِي الْكِتَابِ فِي اللَّفْظِ؛ وَ " تَبْيَضُّ " ؛ وَ " تَسْوَدُّ " ؛ إِجْمَاعٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ؛ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْرَأَ بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ.
وَقَوْلُهُ - جَلَّ وَعَلَا -:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=106فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ ؛ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ: " تَسْوَدُّ " ؛ وَمَنْ قَرَأَ بِالْأَلِفِ: " تَسْوَادُّ " ؛ وَ " تَبْيَاضُّ " ؛ وَجَبَ أَنْ يَقْرَأَ: " فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَادَّتْ وُجُوهُهُمْ " ؛ وَجَوَابُ " أَمَّا " ؛ مَحْذُوفٌ مَعَ الْقَوْلِ؛ الْمَعْنَى: فَيُقَالُ لَهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=106أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ؛ وَحُذِفَ الْقَوْلُ لِأَنَّ فِي الْكَلَامِ دَلِيلًا عَلَيْهِ؛ وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ؛ كَقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=24سَلامٌ عَلَيْكُمْ ؛ اَلْمَعْنَى: يَقُولُونَ:
[ ص: 455 ] سَلَامٌ عَلَيْكُمْ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ؛ اَلْمَعْنَى: يَقُولَانِ: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا؛ هَذِهِ الْأَلِفُ لَفْظُهَا لَفْظُ الِاسْتِفْهَامِ؛ وَمَعْنَاهَا التَّقْرِيرُ؛ وَالتَّوْبِيخُ؛ وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=106أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَقَدْ كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ قَبْلَ مَبْعَثِهِ؛ وَهَذَا خِطَابٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ.