وقوله :
nindex.php?page=treesubj&link=28908_17047_25507_28270_28640_28723_30531_30532_3441nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95ومن قتله منكم متعمدا ؛
[ ص: 207 ] أي : عمدا لقتله؛ كأنه ناس أنه محرم؛ ومتعمد للقتل؛ وجائز أن يقصد القتل؛ وهو يعلم أنه محرم؛ وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95فجزاء مثل ما قتل من النعم ؛ و " فجزاء مثل ما قتل " ؛ برفع " مثل " ؛ وجرها؛ فمن رفعهما جميعا فرفعه على معنى " فعليه جزاء مثل الذي قتل " ؛ فيكون " مثل " " من نعت الجزاء؛ ويكون أن ترفع " جزاء " ؛ على الابتداء؛ ويكون " مثل قتل " ؛ خبر الابتداء؛ ويكون المعنى : " فجزاء ذلك الفعل مثل ما قتل " ؛ ومن جر أراد " فعليه جزاء مثل ذلك المقتول من النعم " ؛ و " النعم " ؛ في اللغة؛ هي : الإبل؛ والبقر؛ والغنم؛ وإن انفردت الإبل منها قيل لها : " نعم " ؛ وإن انفردت الغنم والبقر لم تسم " نعما " ؛ فكان عليه بحذاء حمار الوحش؛ وبقرة الوحش؛ بدنة؛ وعليه بحذاء الظباء من الغنم شاة.
وقوله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95يحكم به ذوا عدل منكم ؛ أي : من أهل ملتكم؛ فعلى قاتل الصيد أن يسأل فقيهين عدلين عن جزاء ما قتل؛ ويقولان له : " أقتلت صيدا قبل هذا وأنت محرم؟ " ؛ فإن اعترف بأنه قتل صيدا قبل ذلك؛ لم يحكما عليه بشيء؛ لقول الله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95ومن عاد فينتقم الله منه ؛ وإن لم يعترف نظرا فيما قتل؛ فإن كان كالإبل؛ حكما عليه بها
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95هديا بالغ الكعبة ؛ وإن كان كالشاء؛ حكما عليه بمثل ذلك؛ وإن كانت القيمة لا تبلغ؛ نظرا فقدرا قيمة ذلك؛ وأطعم بثمن ذلك المساكين؛ كل مسكين - قال بعضهم - صاعا من حنطة؛ وقال بعضهم : نصف صاع؛ أو صام بعدل ذلك؛ على ما توجبه السنة؛ ويجوز أن تكون " أو " ؛ وهو الأجود في اللغة؛ للتخيير؛ فإن شاء أهدى؛ وإن شاء قوما له الهدي؛ وأطعم بدله على ما وصفنا؛ وجعل مثل ذلك صياما؛ لأن " أو " ؛ للتخيير؛ وقال بعضهم : كأنه إن لم يقدر على الإبل والغنم
[ ص: 208 ] فينبغي أن يطعم؛ أو يصوم؛ والذي يوجبه اللفظ التخيير؛ وأهل الفقه أعلم بالسنة في ذلك؛ إلا أني أختار على مذهب اللغة أنه مخير؛ وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95هديا بالغ الكعبة ؛ منصوب على الحال؛ المعنى : يحكمان به مقدرا أن يهدى؛ و " بالغ الكعبة " ؛ لفظه لفظ معرفة؛ ومعناه النكرة؛ المعنى " بالغا الكعبة " ؛ إلا أن التنوين حذف استخفافا؛ ومعنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95أو عدل ذلك أو مثل ذلك؛ قال بعضهم : " عدل الشيء " : مثله من جنسه؛ و " عدله " : مثله من غير جنسه؛ بفتح العين؛ وقال : إلا أن بعض
العرب يغلط فيجعل " العدل " ؛ و " العدل " ؛ في معنى " المثل " ؛ وإن كان من غير جنس الأول؛ قال البصريون : " العدل " ؛ و " العدل " ؛ في معنى " المثل " ؛ والمعنى واحد؛ كان لمثل من الجنس؛ أو من غير الجنس؛ كما أن المثل ما كان من جنس الشيء؛ ومن غير جنسه؛ " مثل " ؛ ولم يقولوا : إن العرب غلطت؛ وليس إذا أخطأ مخطئ يوجب أن تقول : إن بعض
العرب غلط؛ وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95صياما ؛ منصوب على التمييز؛ المعنى : أو مثل ذلك من الصيام؛ ليذوق وبال أمره؛ " الوبال " : ثقل الشيء في المكروه؛ ومنه قولهم : " طعام وبيل " ؛ و " ماء وبيل " ؛ إذا كانا ثقيلين غير ناميين في المال؛ قال - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=16فأخذناه أخذا وبيلا ؛ أي : ثقيلا شديدا؛ و " الوبيل " : خشبة القصار؛ ومن هذا قيل لها : " وبيل " ؛ قال
طرفة بن العبد :
[ ص: 209 ] عقيلة شيخ كالوبيل يلندد
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95ومن عاد فينتقم الله منه ؛ الفاء جواب الجزاء؛ والمعنى أنه - والله أعلم - " ومن عاد مستحلا للصيد بعد أن حرمه الله منه فينتقم الله منه " ؛ أي : فيعذبه الله؛ وجائز أن يكون : " من عاد مستخفا بأمر الله فجزاؤه العذاب؛ كجزاء قاتل النفس " .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28908_17047_25507_28270_28640_28723_30531_30532_3441nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا ؛
[ ص: 207 ] أَيْ : عَمْدًا لِقَتْلِهِ؛ كَأَنَّهُ نَاسٍ أَنَّهُ مُحْرِمٌ؛ وَمُتَعَمِّدٌ لِلْقَتْلِ؛ وَجَائِزٌ أَنْ يَقْصِدَ الْقَتْلَ؛ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مُحْرِمٌ؛ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ؛ وَ " فَجَزَاءُ مِثْلِ مَا قَتَلَ " ؛ بِرَفْعِ " مِثْلُ " ؛ وَجَرِّهَا؛ فَمَنْ رَفَعَهُمَا جَمِيعًا فَرَفْعُهُ عَلَى مَعْنَى " فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ مِثْلُ الَّذِي قَتَلَ " ؛ فَيَكُونَ " مِثْلُ " " مِنْ نَعْتِ الْجَزَاءِ؛ وَيَكُونَ أَنْ تُرْفَعَ " جَزَاءٌ " ؛ عَلَى الِابْتِدَاءِ؛ وَيَكُونَ " مِثْلُ قَتْلِ " ؛ خَبَرَ الِابْتِدَاءِ؛ وَيَكُونَ الْمَعْنَى : " فَجَزَاءُ ذَلِكَ الْفِعْلِ مِثْلُ مَا قَتَلَ " ؛ وَمَنْ جَرَّ أَرَادَ " فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ مِثْلُ ذَلِكَ الْمَقْتُولِ مِنَ النَّعَمِ " ؛ وَ " اَلنَّعَمُ " ؛ فِي اللُّغَةِ؛ هِيَ : اَلْإِبِلُ؛ وَالْبَقَرُ؛ وَالْغَنَمُ؛ وَإِنِ انْفَرَدَتِ الْإِبِلُ مِنْهَا قِيلَ لَهَا : " نَعَمٌ " ؛ وَإِنِ انْفَرَدَتِ الْغَنَمُ وَالْبَقَرُ لَمْ تُسَمَّ " نَعَمًا " ؛ فَكَانَ عَلَيْهِ بِحِذَاءِ حِمَارِ الْوَحْشِ؛ وَبَقَرَةِ الْوَحْشِ؛ بَدَنَةٌ؛ وَعَلَيْهِ بِحِذَاءِ الظِّبَاءِ مِنَ الْغَنَمِ شَاةٌ.
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ؛ أَيْ : مِنْ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ؛ فَعَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ أَنْ يَسْأَلَ فَقِيهَيْنِ عَدْلَيْنِ عَنْ جَزَاءِ مَا قَتَلَ؛ وَيَقُولَانِ لَهُ : " أَقَتَلْتَ صَيْدًا قَبْلَ هَذَا وَأَنْتَ مُحْرِمٌ؟ " ؛ فَإِنِ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ قَتَلَ صَيْدًا قَبْلَ ذَلِكَ؛ لَمْ يَحْكُمَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ؛ وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ نَظَرَا فِيمَا قَتَلَ؛ فَإِنْ كَانَ كَالْإِبِلِ؛ حَكَمَا عَلَيْهِ بِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ ؛ وَإِنْ كَانَ كَالشَّاءِ؛ حَكَمَا عَلَيْهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ؛ وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ لَا تَبْلُغُ؛ نَظَرَا فَقَدَّرَا قِيمَةَ ذَلِكَ؛ وَأَطْعَمَ بِثَمَنِ ذَلِكَ الْمَسَاكِينَ؛ كُلَّ مِسْكِينٍ - قَالَ بَعْضُهُمْ - صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : نِصْفَ صَاعٍ؛ أَوْ صَامَ بِعَدْلِ ذَلِكَ؛ عَلَى مَا تُوجِبُهُ السُّنَّةُ؛ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ " أَوْ " ؛ وَهُوَ الْأَجْوَدُ فِي اللُّغَةِ؛ لِلتَّخْيِيرِ؛ فَإِنْ شَاءَ أَهْدَى؛ وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَا لَهُ الْهَدْيَ؛ وَأَطْعَمَ بَدَلَهُ عَلَى مَا وَصَفْنَا؛ وَجَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ صِيَامًا؛ لِأَنَّ " أَوْ " ؛ لِلتَّخْيِيرِ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : كَأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ
[ ص: 208 ] فَيَنْبَغِي أَنْ يُطْعِمَ؛ أَوْ يَصُومَ؛ وَالَّذِي يُوجِبُهُ اللَّفْظُ التَّخْيِيرُ؛ وَأَهْلُ الْفِقْهِ أَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ فِي ذَلِكَ؛ إِلَّا أَنِّي أَخْتَارُ عَلَى مَذْهَبِ اللُّغَةِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ؛ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ ؛ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ؛ الْمَعْنَى : يَحْكُمَانِ بِهِ مُقَدَّرًا أَنْ يُهْدَى؛ وَ " بَالِغَ الْكَعْبَةِ " ؛ لَفْظُهُ لَفْظُ مَعْرِفَةٍ؛ وَمَعْنَاهُ النَّكِرَةُ؛ الْمَعْنَى " بَالِغًا الْكَعْبَةَ " ؛ إِلَّا أَنَّ التَّنْوِينَ حُذِفَ اسْتِخْفَافًا؛ وَمَعْنَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ أَوْ مِثْلُ ذَلِكَ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ : " عِدْلُ الشَّيْءِ " : مِثْلُهُ مِنْ جِنْسِهِ؛ وَ " عَدْلُهُ " : مِثْلُهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ؛ بِفَتْحِ الْعَيْنِ؛ وَقَالَ : إِلَّا أَنَّ بَعْضَ
الْعَرَبِ يَغْلَطُ فَيَجْعَلُ " اَلْعَدْلُ " ؛ وَ " اَلْعِدْلُ " ؛ فِي مَعْنَى " اَلْمِثْلُ " ؛ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَوَّلِ؛ قَالَ الْبَصْرِيُّونَ : " اَلْعَدْلَ " ؛ وَ " اَلْعِدْلُ " ؛ فِي مَعْنَى " اَلْمِثْلُ " ؛ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ؛ كَانَ لِمِثْلٍ مِنَ الْجِنْسِ؛ أَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ؛ كَمَا أَنَّ الْمِثْلَ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الشَّيْءِ؛ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ؛ " مِثْلٌ " ؛ وَلَمْ يَقُولُوا : إِنَّ الْعَرَبَ غَلِطَتْ؛ وَلَيْسَ إِذَا أَخْطَأَ مُخْطِئٌ يُوجِبُ أَنْ تَقُولَ : إِنَّ بَعْضَ
الْعَرَبِ غَلِطَ؛ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95صِيَامًا ؛ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ؛ الْمَعْنَى : أَوْ مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الصِّيَامِ؛ لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ؛ " اَلْوَبَالُ " : ثِقْلُ الشَّيْءِ فِي الْمَكْرُوهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : " طَعَامٌ وَبِيلٌ " ؛ وَ " مَاءٌ وَبِيلٌ " ؛ إِذَا كَانَا ثَقِيلَيْنِ غَيْرَ نَامِيَيْنِ فِي الْمَالِ؛ قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=16فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلا ؛ أَيْ : ثَقِيلًا شَدِيدًا؛ وَ " اَلْوَبِيلُ " : خَشَبَةُ الْقَصَّارِ؛ وَمِنْ هَذَا قِيلَ لَهَا : " وَبِيلٌ " ؛ قَالَ
طَرَفَةُ بْنُ الْعَبْدِ :
[ ص: 209 ] عَقِيلَةُ شَيْخٍ كَالْوَبِيلِ يَلنْدَدِ
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ؛ اَلْفَاءُ جَوَابُ الْجَزَاءِ؛ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - " وَمَنْ عَادَ مُسْتَحِلًّا لِلصَّيْدِ بَعْدَ أَنْ حَرَّمَهُ اللَّهُ مِنْهُ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ " ؛ أَيْ : فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ؛ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ : " مَنْ عَادَ مُسْتَخِفًّا بِأَمْرِ اللَّهِ فَجَزَاؤُهُ الْعَذَابُ؛ كَجَزَاءِ قَاتِلِ النَّفْسِ " .