وإني لقوام مقاوم لم يكن ... جرير ولا مولى جرير يقومها
وقد أجمع النحويون على أن حكوا : " مصائب " ؛ في جمع " مصيبة " ؛ بالهمز؛ وأجمعوا أن الاختيار " مصاوب " ؛ وهذه عندهم من الشاذ؛ أعني " مصايب " ؛ وهذا عندي إنما هو بدل من الواو المكسورة؛ كما قالوا - في " وسادة " - : " إسادة " ؛ إلا أن هذا البدل في المكسورة يقع أولا؛ كما يقع في المضمومة؛ نحو : " أقتت " ؛ وإنما هو من " الوقت " ؛ والمضمومة تبدل في غير أول؛ نحو : " أدور " ؛ يقولون : " أدؤر " ؛ فحملوا المكسورة على ذلك. [ ص: 321 ] ولا أعلم أحدا فسر ذلك غيري؛ وهو أحسن من أن يجعل الشيء خطأ؛ إذ نطقت به العرب ؛ وكان له وجه من القياس؛ إلا أنه من جنس البدل الذي إنما يتبع فيه السماع؛ ولا يجعل قياسا مستمرا؛ فأما ما رواه نافع من " معائش " ؛ بالهمز؛ فلا أعرف له وجها؛ إلا أن لفظ هذه الياء التي من نفس الكلمة أسكن في " معيشة " ؛ فصار على لفظ " صحيفة " ؛ فحمل الجمع على ذلك؛ ولا أحب القراءة بالهمز؛ إذ كان أكثر الناس إنما يقرؤون بترك الهمز؛ ولو كان مما يهمز لجاز تحقيقه؛ وترك همزه؛ فكيف وهو مما لا أصل له في الهمز; وهو كتاب الله - عز وجل - الذي ينبغي أن يقال فيه إلى ما عليه الأكثر؛ لأن القراءة سنة؛ فالأولى فيها الاتباع؛ والأولى اتباع الأكثر؛ وزعم أن " مصائب " ؛ إنما وقعت الهمزة فيها بدلا من الواو؛ أعلت في " مصيبة " ؛ وهذا رديء؛ لا يلزم أن أقول - في " مقام - : " مقائم " ؛ وفي " معونة " : معائن " . الأخفش