وحركت الواو بالضم؛ لأنك لو قلت "اشترا الضلالة" فألقيت
[ ص: 51 ] الواو لم تعرف أنه جمع، وإنما حركتها بالضم؛ لأن الحرف الذي ذهب من الكلمة مضموم؛ فصار يقوم مقامه. وقد قرأ قوم، وهي لغة لبعض العرب : (اشتروا الضلالة) لما وجدوا حرفا ساكنا قد لقي ساكنا كسروا كما يكسرون في غير هذا الموضع، وهي لغة شاذة.
وأما قوله: (وإذا خلوا إلى شياطينهم) فإنك تقول: "خلوت إلى فلان في حاجة"؛ كما تقول: "خلوت بفلان" إلا أن "خلوت بفلان" له معنيان: أحدهما هذا، والآخر سخرت به.
وتكون "إلى" في موضع "مع" نحو : (من أنصاري إلى الله) كما كانت "من" في معنى (على) في قوله: (ونصرناه من القوم) أي: على القوم، كما كانت الباء في معنى "على" في قوله: "مررت به" و "مررت عليه". وفي كتاب الله عز وجل : (من إن تأمنه بدينار) يقول: "على دينار". وكما كانت "في" في معنى "على" نحو : (في جذوع النخل) يقول: "على جذوع النخل". وزعم يونس أن العرب تقول: "نزلت في أبيك"، تريد "عليه"، وتقول: "ظفرت عليه" أي "به" و "رضيت عليه" أي: "عنه" قال الشاعر [ القحيف العقيلي ] :
(24) إذا رضيت علي بنو قشير لعمر الله أعجبني رضاها
[ ص: 52 ] وأما قوله: (ويمدهم في طغيانهم يعمهون) فهو في معنى "ويمد لهم" كما قالت العرب: "الغلام يلعب الكعاب" تريد: "يلعب بالكعاب"؛ وذلك أنهم يقولون: "قد مددت له" و "أمددته" في غير هذا المعنى وهو قوله جل ثناؤه : (وأمددناهم بفاكهة) وقال: (ولو جئنا بمثله مددا) . وقال بعضهم: "مدادا ومدا" من "أمددناهم"، وتقول: "مد النهر فهو ماد" و "أمد الجرح فهو ممد". وقال يونس : "ما كان من الشر فهو "مددت"، وما كان من الخير فهو "أمددت" كما فسرت لك. فإذا أردت أنك تركته قلت: "مددت" وإذا أردت أنك أعطيته قلت: "أمددته".***