38- وقال: (فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي) وذلك أن "إما" في موضع المجازاة وهي "إما" لا تكون "أما" وهي "إن" زيدت معها "ما" وصار الفعل الذي بعدها بالنون الخفيفة أو الثقيلة وقد يكون بغير نون. وإنما حسنت فيه النون لما دخلته "ما" لأن "ما" نفي وهو ما ليس بواجب وهي من الحروف التي تنفي الواجب فحسنت فيه النون نحو قولهم: "بعين ما أرينك" حين أدخلت فيها "ما" حسنت النون.
[ ص: 75 ] ومثل "إما" ها هنا قوله: (فإما ترين من البشر أحدا) وقوله: (قل رب إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين) فالجواب في قوله: (فلا تجعلني) . وأشباه هذا في القرآن والكلام كثير. وأما "إما" في غير هذا الموضع الذي يكون للمجازاة فلا تستغني حتى ترد "إما" مرتين نحو قوله: (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) ونحو قوله: (حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة) وإنما نصب لأن "إما" هي بمنزلة "أو" ولا تعمل شيئا كأنه قال "هديناه السبيل شاكرا أو كفورا" فنصبه على الحال و "حتى رأوا ما يوعدون العذاب أو الساعة" فنصبه على البدل.
وقد يجوز الرفع بعد "إما" في كل شيء يجوز فيه الابتداء، لو قلت: "مررت برجل إما قاعد وإما قائم" جاز. وهذا الذي في القرآن جائز أيضا، ويكون رفعا إلا أنه لم يقرأ.
وأما التي تستغني عن التثنية فتلك تكون مفتوحة "الألف" أبدا نحو قولك: "أما عبد الله فمنطلق" وقوله: (فأما اليتيم فلا تقهر [9] وأما السائل فلا تنهر) و : (وأما ثمود فهديناهم) . فكل ما لم يحتج فيه إلى تثنية "أما" فألفها مفتوحة إلا تلك التي في المجازاة.
و"أما" أيضا لا تعمل شيئا؛ ألا ترى أنك تقول : (وأما السائل فلا تنهر) فتنصبه بـ "تنهر" ولم تغير "أما" شيئا منه.