كشف المعاني في المتشابه من المثاني
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم، رب يسر وأعن.
الحمد لله الذي أنزل القرآن هدى ونورا وشفاء للمؤمنين وموعظة وتذكيرا، وبعث به سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا.
أعجزت الفصحاء معارضته، وأعيت الألباء مناقضته، فلا يأتون بمثله أبدا ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.
وصلى الله على سيدنا محمد المرسل سراجا منيرا، وعلى أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وعلى أصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فلما من الله تعالى بالقرآن العزيز وحفظه وتحصيله، والوقوف على ما قدر من تفسيره وتأويله، واتفق إلقاء الدروس في المدارس، وما يظهر من بحوثها من النفائس، وربما لهج بعض فضلاء الحاضرين بمسائل حسنة غريبة، وسئل عن مناسبات ألفاظها لمعانيها العجيبة، مما لم يذكر بعضه أو أكثره في كتب التفسير المشهورة، ولا ألمت به في أسفارها المسطورة، من اختلاف ألفاظ معان متكررة، وتنويع عبارات فنونه المحررة، ومن تقديم وتأخير، وزيادات ونقصان، وبديع وبيان، وبسط واختصار، وتعويض حروف بحروف أغيار، فتحل تلك الأسولة بما يفتح الله تعالى به, إما منقول أو غير منقول.
وقد استخرت الله تعالى في ذكر أجوبة ما على الخاطر منه باختصار لا غنى لفهمه عنه، وسميته:
"كشف المعاني في المتشابه من المثاني".
فصل
قد علم أن القرآن نزل بأفصح لغات العرب وكلامها، وتضمن فنون أنواع فصاحتهم وأقسامها، توسيعا لمجالهم في معارضة شيء منه إن قدروا، وبيانا لعجزهم عن الإتيان بمثل ذراه ولو تسوروا.
فلذلك تنوعت موارده، وتشعبت مقاصده، وعمت فوائده، وناسبت ألفاظه مواضعها، وصادفت فصاحته مواقعها.
وسأذكر إن شاء الله بعض ما يظهر به ما خفي من ذلك، سالكا في إيراده أقرب المسالك- والله تعالى يوفق لطريق الصواب، عليه توكلت وإليه متاب.