[ ص: 305 ] أثر القصص القرآني في التربية والتهذيب  
مما لا شك فيه أن القصة المحكمة الدقيقة تطرق المسامع بشغف - وتنفذ إلى النفس البشرية بسهولة ويسر ، وتسترسل مع سياقها المشاعر لا تمل ولا تكل ، ويرتاد العقل عناصرها فيجني من حقولها الأزاهير والثمار . 
والدروس التلقينية والإلقائية تورث الملل ، ولا تستطيع الناشئة أن تتابعها وتستوعب عناصرها إلا بصعوبة وشدة . وإلى أمد قصير . ولذا كان الأسلوب القصصي أجدى نفعا ، وأكثر فائدة . 
والمعهود -حتى في حياة الطفولة- أن يميل الطفل إلى سماع الحكاية ، ويصغي إلى رواية القصة ، وتعي ذاكرته ما يروى له ، فيحاكيه ويقصه . 
هذه الظاهرة الفطرية النفسية ينبغي للمربين أن يفيدوا منها في مجالات التعليم ، لا سيما التهذيب الديني ، الذي هو لب التعليم ، وقوام التوجيه فيه . 
وفي القصص القرآني تربة خصبة تساعد المربين على النجاح في مهمتهم ، وتمدهم بزاد تهذيبي ، من سيرة النبيين ، وأخبار الماضين وسنة الله في حياة المجتمعات ، وأحوال الأمم . ولا تقول في ذلك إلا حقا وصدقا . 
ويستطيع المربي أن يصوغ القصة القرآنية بالأسلوب الذي يلائم المستوى الفكري للمتعلمين ، في كل مرحلة من مراحل التعليم . وقد نجحت مجموعة القصص الديني للأستاذين " سيد قطب  ، والسحار   " في تقديم زاد مفيد نافع لصغارنا نجاحا معدوم النظير ، كما قدم " الجارم   " القصص القرآني في أسلوب أدبي بليغ أعلى مستوى ، وأكثر تحليلا وعمقا ، وحبذا لو نهج آخرون هذا النهج التربوي السديد . 
"
				
						
						
