2- جامع البيان في تفسير القرآن- للطبري:
يعتبر من الأئمة الأعلام الذين برعوا في علوم كثيرة، وتركوا تراثا إسلاميا ضخما تناقلته العصور والأجيال، وقد أحرز شهرة واسعة بكتابيه: في التاريخ: تاريخ الأمم والملوك، والتفسير: جامع البيان في تفسير القرآن. وهما [ ص: 353 ] من أهم المراجع العلمية، بل إن كتابه في التفسير هو المرجع الأول عند المفسرين الذين عنوا بالتفسير بالمأثور. ابن جرير الطبري
ويقع تفسير في ثلاثين جزءا من الحجم الكبير، وقد كان مفقودا إلى عهد قريب، ثم قدر الله له الظهور حين وجدت نسخة مخطوطة في حيازة "أمير حائل" الأمير ابن جرير حمود بن الرشيد من أمراء نجد، طبع عليها الكتاب منذ زمن قريب، فأصبحت في يدنا معارف غنية في التفسير بالمأثور.
وهو تفسير عظيم القيمة، لا غنى لطالب التفسير عنه، قال السيوطي: "وكتابه -يعني تفسير أجل التفاسير وأعظمها، فإنه يتعرض لتوجيه الأقوال، وترجيح بعضها على بعض، والإعراب، والاستنباط فهو يفوق بذلك على تفاسير الأقدمين" وقال محمد بن جرير- النووي: "أجمعت الأمة على أنه لم يصنف مثل تفسير الطبري".
وتفسير أقدم كتاب وصل إلينا كاملا في التفسير، فإن المحاولات التفسيرية قبله لم يصل إلينا شيء منها، اللهم إلا ما وصل إلينا منها في ثنايا ذلك الكتاب. الطبري
وطريقة في تفسيره أنه إذا أراد أن يفسر الآية من القرآن يقول: "القول في تأويل قوله تعالى كذا وكذا" ثم يفسر الآية مستشهدا بما يرويه بسنده إلى الصحابة أو التابعين من التفسير بالمأثور عنهم، ويعرض لكل ما روي في الآية، ولا يقتصر على مجرد الرواية، بل يوجه الأقوال ويرجح بعضها على بعض، كما يتعرض لناحية الإعراب إن دعت الحال إلى ذلك، ويستنبط بعض الأحكام. ابن جرير
وقد يقف من السند موقف الناقد البصير أحيانا، فيعدل من رجال الإسناد، ويجرح من يجرح منهم، ويرد الرواية التي لا يثق بصحتها.
ويعتني بذكر القراءات وتوجيهها، ويقال: إنه ألف فيها مؤلفا خاصا. ابن جرير
ومع روايته الأخبار المأخوذة من القصص الإسرائيلي فإنه كثيرا ما يتعقبها بالبحث.
ويعتمد على الاستعمالات اللغوية بجانب الروايات المنقولة، ويستشهد [ ص: 354 ] بالشعر القديم، ويهتم بالمذاهب النحوية، ويحتكم إلى المعروف من لغة العرب، ويعالج الأحكام الفقهية مجتهدا، فيذكر أقوال العلماء ومذاهبهم، ويخلص من ذلك برأي يختاره لنفسه ويرجحه. ابن جرير
ويناقش مسائل العقيدة مناقشة فاحصة، يرد فيها على الفرق ومذاهب أهل الكلام، وينتصر لأهل السنة والجماعة.
وقد طبعت دار المعارف بمصر كتابه، في إخراج حسن، وخرج أحاديثه الأستاذ أحمد محمد شاكر، ولكن هذه الطبعة لم تتم، مع عظيم نفعها، والعناية بتحقيقها.
"