2- تفسير المنار - للسيد محمد رشيد رضا :
لقد قام الشيخ محمد عبده بنهضة علمية مباركة ، آتت ثمارها في تلاميذه ، وترتكز هذه النهضة على الوعي الإسلامي ، وإدراك مفاهيم الإسلام الاجتماعية ، وعلاج هذا الدين لمشاكل الحياة المعاصرة ، وبدأت نواة ذلك في حركة جمال الدين الأفغاني ، الذي تتلمذ عليه الشيخ محمد عبده ، وكان الشيخ محمد عبده يلقي دروسا في التفسير بالجامع الأزهر ، ولازمه كثير من طلابه ومريديه ، وكان الشيخ رشيد ألزم الناس لهذه الدروس ، وأحرصهم على تلقيها وضبطها ، فكان بحق الوارث الأول لعلم الشيخ محمد عبده . فظهرت ثمرة ذلك في تفسيره المسمى بـ " تفسير القرآن الحكيم " ، والمشهور بـ " تفسير المنار " . نسبة إلى مجلة " المنار " التي كان يصدرها .
وقد بدأ تفسيره من أول القرآن ، وانتهى عند قوله تعالى : رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين ، ثم عاجلته المنية قبل أن يتم تفسير القرآن ، وهذا القدر من التفسير مطبوع في اثني عشر مجلدا كبارا .
وهو تفسير غني بالمأثور عن سالف هذه الأمة من الصحابة التابعين ، وبأساليب اللغة العربية ، وبسنن الله الاجتماعية ، يشرح الآيات بأسلوب رائع ، ويكشف عن المعاني بعبارة سهلة ، ويوضح كثيرا من المشكلات ، ويرد على ما أثير حول الإسلام من شبهات خصومه ، ويعالج أمراض المجتمع بهدي القرآن ، ويصرح الشيخ رشيد [ ص: 362 ] بأن هدفه من هذا التفسير هو : " فهم الكتاب من حيث هو دين يرشد الناس إلى ما فيه سعادتهم في حياتهم الدنيا وحياتهم الآخرة " . "