3- الجامع لأحكام القرآن - لأبي عبد الله القرطبي :
أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري ، الخزرجي الأندلسي ، عالم فذ من علماء المالكية . له مصنفات كثيرة ، أشهرها كتابه في التفسير " الجامع لأحكام القرآن " .
والقرطبي في تفسيره لم يقتصر على آيات الأحكام وإنما يفسر القرآن الكريم تباعا ، فيذكر سبب النزول ، ويعرض للقراءات والإعراب ، ويشرح الغريب من الألفاظ ، ويضيف الأقوال إلى قائليها ، ويضرب صفحا عن كثير من قصص المفسرين ، وأخبار المؤرخين ، وينقل عن العلماء السابقين الموثوقين . ولا سيما من ألف منهم في كتب الأحكام ، فينقل عن ، ابن جرير الطبري وابن عطية ، وابن العربي ، والكيا الهراس ، وأبي بكر الجصاص .
[ ص: 369 ] ويفيض القرطبي في بحث آيات الأحكام ، فيذكر مسائل الخلاف ، ويسوق أدلة كل رأي ، ويعلق عليها ، ولا يتعصب لمذهبه المالكي ، ففي تفسير قوله تعالى : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ، يقول في المسألة الثانية عشرة من مسائل هذه الآية بعد أن ذكر خلاف العلماء في حكم من أكل في نهار رمضان ناسيا وما نقل عن من أنه يفطر وعليه القضاء يقول : " وعند غير مالك ليس بمفطر كل من أكل ناسيا لصومه ، قلت : وهو الصحيح ، وبه قال الجمهور أن من أكل أو شرب ناسيا فلا قضاء عليه ، وأن صومه تام ، لحديث مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة ، فأنت ترى أنه بهذا يخالف مذهبه ، وينصف الآخرين . " إذا أكل الصائم ناسيا أو شرب ناسيا فإنما هو رزق ساقه الله تعالى إليه ، ولا قضاء عليه “
ويرد القرطبي على الفرق ، فيرد على المعتزلة ، والقدرية ، والروافض ، والفلاسفة ، وغلاة المتصوفة ، ولكن بأسلوب مهذب كذلك ، ويدفعه الإنصاف إلى الدفاع عمن يهاجمهم من المخالفين أحيانا - ويلومه على ما يصدر منه من عبارات قاسية على علماء المسلمين . وحين ينقد يكون نقده نزيها في أدب وعفة . ابن العربي
وقد كان كتاب " الجامع لأحكام القرآن " مفقودا من المكتبات حتى قامت دار الكتب المصرية بطبعه أخيرا فيسرت الحصول عليه للقارئين .
"