النسخ إلى بدل وإلى غير بدل
والنسخ يكون إلى بدل وإلى غير بدل - والنسخ إلى بدل : إما إلى بدل أخف ، وإما إلى بدل مماثل ، وإما إلى بدل أثقل :
1- فالنسخ إلى غير بدل : كنسخ الصدقة بين يدي نجوى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ، نسخت بقوله : أأشفقتم أن تقدموا بين يدي [ ص: 233 ] نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة .
وأنكر بعض المعتزلة والظاهرية ذلك ، وقالوا : إن النسخ بغير بدل لا يجوز شرعا ، لأن الله تعالى يقول : ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ، حيث أفادت الآية أنه لا بد أن يؤتى مكان الحكم المنسوخ بحكم آخر خير منه مثله .
ويجاب عن ذلك : بأن الله تعالى إذا نسخ حكم الآية بغير بدل فإن هذا يكون بمقتضى حكمته ، رعاية لمصلحة عباده ، فيكون عدم الحكم خيرا من ذلك الحكم المنسوخ في نفعه للناس ، ويصح حينئذ أن يقال : إن الله نسخ حكم الآية السابقة بما هو خير منها حيث كان عدم الحكم خيرا للناس .
2- والنسخ إلى بدل أخف : يمثلون له بقوله تعالى : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم . . الآية - فهي ناسخة لقوله : كما كتب على الذين من قبلكم ; لأن مقتضاها الموافقة لما كان عليه السابقون من تحريم الأكل والشرب والوطء إذا صلوا العتمة أو ناموا إلى الليلة التالية ، كما ذكروا ذلك ، فقد روى عن ابن أبي حاتم قال : أنزلت : ابن عمر يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم كتب عليهم إذا صلى أحدهم العتمة أو نام حرم عليه الطعام والشراب والنساء إلى مثلها ، وروى مثله أحمد وغيرهما ، وفيه : " فأنزل الله عز وجل : والحاكم أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم . . . الآية " .
3- النسخ إلى بدل مماثل : كنسخ التوجه إلى بيت المقدس بالتوجه إلى الكعبة في قوله : فول وجهك شطر المسجد الحرام .
4- والنسخ إلى بدل أثقل : كنسخ الحبس في البيوت في قوله : واللاتي [ ص: 234 ] يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت . . . الآية ، بالجلد في قوله : الزانية والزاني . . . الآية .
أو الرجم في قوله : " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة " . . .
"