nindex.php?page=treesubj&link=20882_25817دلالة الاقتضاء ودلالة الإشارة
قد تتوقف صحة دلالة اللفظ على إضمار ، وتسمى بدلالة الاقتضاء ، وقد لا تتوقف على إضمار ويدل اللفظ على ما لم يقصد به قصدا أوليا ، وتسمى : دلالة الإشارة .
فالأول : كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ، أي : فأفطر فعدة ; لأن قضاء الصوم على المسافر إنما يجب إذا أفطر في سفر ، أما إذا صام في سفره فلا موجب للقضاء خلافا للظاهرية ، وكقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23حرمت عليكم أمهاتكم ، فإنه يتضمن إضمار الوطء ويقتضيه ، أي وطء أمهاتكم ; لأن التحريم لا يضاف إلى الأعيان ، فوجب لذلك إضمار فعل يتعلق به التحريم وهو الوطء ، وهذا النوع يقرب من حذف المضاف وإقامة المضاف إليه
[ ص: 244 ] مقامه ، وهو من باب إيجاز القصر في البلاغة - وسمي " اقتضاء " لاقتضاء الكلام شيئا زائدا على اللفظ .
والثاني : وهو دلالة الإشارة - كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ، فإنه يدل على صحة صوم من أصبح جنبا - لأنه يبيح الوطء إلى طلوع الفجر بحيث لا يتسع الوقت للغسل ، وهذا يستلزم الإصباح على جنابة ، وإباحة سبب الشيء إباحة للشيء نفسه ، فإباحة الجماع إلى آخر جزء من الليل لا يتسع معه الغسل قبل الفجر إباحة للإصباح على جنابة .
وهاتان الدلالتان -الاقتضاء والإشارة- أخذا من المنطوق أيضا ، فهما من أقسام المنطوق ، فالمنطوق على هذا يشمل : 1- النص ، 2- والظاهر ، 3- والمؤول ، 4- والاقتضاء ، 5- والإشارة .
"
nindex.php?page=treesubj&link=20882_25817دَلَالَةُ الِاقْتِضَاءِ وَدَلَالَةُ الْإِشَارَةِ
قَدْ تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى إِضْمَارٍ ، وَتُسَمَّى بِدَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ ، وَقَدْ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إِضْمَارٍ وَيَدُلُّ اللَّفْظُ عَلَى مَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ قَصْدًا أَوَّلِيًّا ، وَتُسَمَّى : دَلَالَةَ الْإِشَارَةِ .
فَالْأَوَّلُ : كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ، أَيْ : فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ ; لِأَنَّ قَضَاءَ الصَّوْمِ عَلَى الْمُسَافِرِ إِنَّمَا يَجِبُ إِذَا أَفْطَرَ فِي سَفَرٍ ، أَمَّا إِذَا صَامَ فِي سَفَرِهِ فَلَا مُوجِبَ لِلْقَضَاءِ خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ، فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ إِضْمَارَ الْوَطْءِ وَيَقْتَضِيهِ ، أَيْ وَطْءِ أُمَّهَاتِكُمْ ; لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يُضَافُ إِلَى الْأَعْيَانِ ، فَوَجَبَ لِذَلِكَ إِضْمَارُ فِعْلٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ وَهُوَ الْوَطْءُ ، وَهَذَا النَّوْعُ يَقْرُبُ مِنْ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ
[ ص: 244 ] مَقَامَهُ ، وَهُوَ مِنْ بَابِ إِيجَازِ الْقَصْرِ فِي الْبَلَاغَةِ - وَسُمِّيَ " اقْتِضَاءً " لِاقْتِضَاءِ الْكَلَامِ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى اللَّفْظِ .
وَالثَّانِي : وَهُوَ دَلَالَةُ الْإِشَارَةِ - كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطُ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ صَوْمِ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا - لِأَنَّهُ يُبِيحُ الْوَطْءَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ بِحَيْثُ لَا يَتَّسِعُ الْوَقْتُ لِلْغُسْلِ ، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ الْإِصْبَاحَ عَلَى جَنَابَةٍ ، وَإِبَاحَةُ سَبَبِ الشَّيْءِ إِبَاحَةٌ لِلشَّيْءِ نَفْسِهِ ، فَإِبَاحَةُ الْجِمَاعِ إِلَى آخِرِ جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ لَا يَتَّسِعُ مَعَهُ الْغُسْلُ قَبْلَ الْفَجْرِ إِبَاحَةٌ لِلْإِصْبَاحِ عَلَى جَنَابَةٍ .
وَهَاتَانِ الدَّلَالَتَانِ -الِاقْتِضَاءُ وَالْإِشَارَةُ- أُخِذَا مِنَ الْمَنْطُوقِ أَيْضًا ، فَهُمَا مِنْ أَقْسَامِ الْمَنْطُوقِ ، فَالْمَنْطُوقُ عَلَى هَذَا يَشْمَلُ : 1- النَّصَّ ، 2- وَالظَّاهِرَ ، 3- وَالْمُؤَوَّلَ ، 4- وَالِاقْتِضَاءَ ، 5- وَالْإِشَارَةَ .
"