( باب العاشر ) .
أخره عما قبله لتمحض ما قبله زكاة بخلاف ما يأخذه العاشر كما سيأتي ، وهو فاعل من عشرته أعشره عشرا بالضم ، والمراد هنا ما يدور اسم العشر في متعلق أخذه فإنه إنما يأخذ العشر من الحربي لا المسلم والذمي أو تسمية للشيء باعتبار بعض أحواله ، وهو أخذه العشر من الحربي لا من المسلم والذمي ، والإدوار مركب فيتعسر التلفظ به والعشر منفرد فلا يتعسر ( قوله هو من نصبه الإمام ليأخذ الصدقات من التجار ) أي من نصبه الإمام على الطريق ليأخذ الصدقات من التجار المارين بأموالهم عليه قالوا : وإنما ينصب ليأمن التجار من اللصوص ويحميهم منهم فيستفاد منه أنه لا بد أن يكون قادرا على الحماية ; لأن الجباية بالحماية ; ولذا قال في الغاية : ويشترط في العامل أن يكون حرا مسلما غير هاشمي فلا يصح أن يكون عبدا لعدم الولاية ، ولا يصح أن يكون كافرا ; لأنه لا يلي على المسلم بالآية ، ولا يصح أن يكون مسلما هاشميا لأن فيها شبهة الزكاة ا هـ .
بلفظه وبه يعلم حكم تولية اليهود في زماننا على بعض الأعمال ، ولا شك في حرمة ذلك أيضا قيدنا بكونه نصب على الطريق للاحتراز عن الساعي ، وهو الذي يسعى في القبائل ليأخذ صدقة المواشي في أماكنها والمصدق بتخفيف الصاد وتشديد الدال اسم جنس لهما كذا في البدائع وحاصله أن مال الزكاة نوعان ظاهر ، وهو المواشي ، والمال الذي يمر به التاجر على العاشر ، وباطن ، وهو الذهب والفضة وأموال التجارة في مواضعها أما الظاهر فللإمام ونوابه ، وهم المصدقون من السعاة والعشار ولاية الأخذ للآية { خذ من أموالهم صدقة } ولجعله للعاملين عليها حقا فلو لم يكن للإمام مطالبتهم لم يكن له وجه ، ولما اشتهر من بعثه عليه الصلاة والسلام للقبائل لأخذ الزكاة ، وكذا الخلفاء بعده حتى قاتل الصديق مانعي الزكاة ، ولا شك أن السوائم تحتاج إلى الحماية ; لأنها تكون في البراري بحماية السلطان وغيرها من الأموال إذا أخرجه في السفر احتاج إلى الحماية بخلاف الأموال الباطنة إذا لم يخرجها مالكها من المصر لفقد هذا المعنى
وفي البدائع : وشرط ولاية الأخذ وجود الحماية من الإمام فلا شيء لو غلب الخوارج على مصر أو قرية وأخذوا منهم الصدقات ، ومنها وجوب الزكاة ; لأن المأخوذ زكاة فيراعى شرائطها كلها ، ومنها ظهور المال وحضور المالك فلو حضر وأخبر بما في بيته أو حضر ماله مع [ ص: 249 ] مستبضع ونحوه فلا أخذ ، وفي التبيين أن هذا العمل مشروع ، وما ورد من ذم العشار محمول على من يأخذ أموال الناس ظلما كما تفعله الظلمة اليوم روي أن عمر أراد أن يستعمل أنس بن مالك على هذا العمل فقال له : أتستعملني على المكس من عملك فقال : ألا ترضى أن أقلدك ما قلدنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ا هـ .
وفي الخانية من قسم الجبايات والمؤن بين الناس على السوية يكون مأجورا . ا هـ .
[ ص: 248 ]


