[ ص: 276 ] ( كتاب الصوم ) .
أخره عن الزكاة ، وإن كان عبادة بدنية مقدمة على المالية لقرانها بالصلاة في آيات كثيرة ، وذكر رحمه الله الصوم عقب الصلاة في الجامع الكبير والصغير نظرا لما قلنا ، وهو في اللغة ترك الإنسان الأكل ، وإمساكه عنه ثم جعل عبارة عن هذه العبادة المخصوصة ، ومن مجازه صام الفرس على آريه إذا لم يعتلف ، ومنه قول محمد خيل صيام كذا في المغرب ، وفي الشرع ما سيذكره النابغة المصنف ولو قال كتاب الصيام لكان أولى لما في الفتاوى الظهيرية : ولو فعليه صوم يوم واحد ، ولو قال فعلي صيام عليه صيام ثلاثة أيام كما في قوله تعالى { قال لله علي صوم ففدية من صيام } ا هـ .
حقيقته الشرعية التي هي الإمساك المخصوص وركنه مختلف ففي المنذور النذر ; ولذا قلنا : لو نذر صوم شهر بعينه كرجب أو يوما بعينه فصام غيره أجزأ عن المنذور ; لأنه تعجيل بعد وجوب السبب ، وفيه خلاف وسببه كما في المجمع وصوم الكفارات سببه ما يضاف إليه من الحنث والقتل والظهار والفطر ، وسبب رمضان شهود جزء من الشهر اتفاقا لكن اختلفوا فذهب محمد السرخسي إلى أن السبب مطلق شهود الشهر حتى استوى في السببية الأيام والليالي ، وذهب الدبوسي وفخر الإسلام إلى أن السبب الأيام دون الليالي أي الجزء الذي لا يتجزأ من كل يوم سبب لصوم ذلك اليوم فيجب صوم جميع الأيام مقارنا إياه ، وثمرة الخلاف تظهر فيمن أفاق في أول ليلة من الشهر ثم جن قبل أن يصبح ومضى الشهر ، وهو مجنون ثم أفاق فعلى قول وأبو اليسر السرخسي يلزمه القضاء ، ولو لم يتقرر السبب في حقه بما شهد من الشهر حال إفاقته لم يلزمه ، وعلى قول غيره لا يلزمه القضاء ، وصححه السراج الهندي في شرح المغني ; لأن الليل ليس بمحل للصوم فكان الجنون والإفاقة فيه سواء ، وعلى هذا الخلاف لو أفاق ليلة في وسط الشهر ثم أصبح مجنونا ، وكذا لو أفاق في آخر يوم من رمضان بعد الزوال وجمع في الهداية بين القولين بأنه لا منافاة فشهود جزء منه سبب لكله ثم كل يوم سبب وجوب أدائه غاية الأمر أنه تكرر سبب وجوب صوم اليوم باعتبار خصوصه ودخوله في ضمن غيره كذا في فتح القدير ، والذي يظهر أن صاحب الهداية يختار غير قول السرخسي ; لأن السرخسي يقول : كل يوم مع ليلته سبب للوجوب لا اليوم وحده ، وتمام تقريره في الأصول
[ ص: 276 ]