الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ويدخل في عموم قوله كل إهاب جلد الفيل فيطهر بالدباغ خلافا لمحمد في قوله إن الفيل نجس العين وعندهما هو كسائر السباع قال في المبسوط من باب الحدث ، وهو الأصح فقد جاء في حديث ثوبان { أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى لفاطمة سوارين من عاج } فظهر استعمال الناس العاج من غير نكير فدل على طهارته ا هـ .

                                                                                        وأخرج البيهقي { أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمشط بمشط من عاج } قال الجوهري : العاج عظم الفيل قال العلامة في فتح القدير هذا الحديث يبطل قول محمد بنجاسة عين الفيل وسيأتي تمامه في عظم الميتات إن شاء الله تعالى ويدخل أيضا في عموم قوله كل إهاب جلد الكلب فيطهر بالدباغ بناء على أنه ليس بنجس العين ، وقد اختلف روايات المبسوط فيه فذكر في بيان سؤره أن الصحيح من المذهب عندنا أن عين الكلب نجس إليه يشير محمد في الكتاب بقوله ، وليس الميت بأنجس من الكلب والخنزير ثم قال وبعض مشايخنا يقولون عينه ليس بنجس ويستدلون عليه بطهارة جلده بالدباغ وقال في باب الحدث وجلد الكلب يطهر عندنا بالدباغ خلافا للحسن والشافعي ; لأن عينه نجس عندهما ولكنا نقول : الانتفاع به مباح حالة الاختيار فلو كان عينه نجسة لما أبيح الانتفاع به .

                                                                                        [ ص: 107 ] وهذا صريح في مخالفة الأول وذكر أيضا في كتاب الصيد في مسألة بيع الكلب في التعليل قال وبهذا يتبين أنه ليس بنجس العين وذكر في الإيضاح اختلاف الرواية فيه ، وفي المبسوط شيخ الإسلام ، وأما جلد الكلب فعن أصحابنا فيه روايتان في رواية يطهر بالدبغ وفي رواية لا يطهر ، وهو الظاهر من المذهب وذكر في البدائع أن فيه اختلاف المشايخ فمن قال : إنه نجس العين جعله كالخنزير ومن جعله طاهر العين جعله مثل سائر الحيوانات سوى الخنزير والصحيح أنه ليس بنجس العين ، وكذا صححه في موضع آخر وقال : إنه أقرب القولين إلى الصواب ولذلك قال مشايخنا فيمن صلى وفي كمه جرو أنه تجوز صلاته وقيد الفقيه أبو جعفر الهندواني الجواز بكونه مشدود الفم ا هـ .

                                                                                        ولذا صحح في الهداية طهارة عينه وتبعه شارحوها كالأتقاني والكاكي والسغناقي واختار قاضي خان في الفتاوى نجاسة عينه وفرع عليها فروعا فالحاصل أنه قد اختلف التصحيح فيه والذي يقتضيه عموم ما في المتون كالقدوري والمختار والكنز طهارة عينه ولم يعارضه ما يوجب نجاستها فوجب أحقية تصحيح عدم نجاستها ألا ترى أنه ينتفع به حراسة واصطيادا وقد صرح في عقد الفوائد شرح منظومة ابن وهبان بأن الفتوى على طهارة عينه ، وأما ما استدل به في المبسوط من قول محمد وليس الميت بأنجس من الكلب والخنزير فقد قال في غاية البيان لا نسلم أن نجاسة العين تثبت في الكلب بهذا القدر من الكلام فمن ادعى ذلك ، فعليه البيان ، ولم يرد نص عن محمد في نجاسة العين ، وما أورد من أنه لا يلزم من الانتفاع به طهارة عينه ، فإن السرقين ينتفع به إيقادا وتقوية للزارعة مع نجاسة عينه أجاب عنه في النهاية وغيرها بأن هذا الانتفاع بالاستهلاك ، وهو جائز في نجس العين كالاقتراب من الخمر للإراقة وقال في القنية : رامزا لمجد الأئمة وقد اختلف في نجاسة الكلب والذي صح عندي من الروايات في النوادر والأمالي أنه نجس العين عندهما ، وعند أبي حنيفة ليس بنجس العين ا هـ .

                                                                                        ومشى عليه ابن وهبان في منظومته وذكر في عقد الفوائد شرحها وذكر الناطفي عن محمد إذا صلى على جلد كلب أو ذئب قد ذبح جازت صلاته ولا يخفى أن هذه الرواية تفيد عينه عند محمد فيجوز أن يكون عن محمد روايتان ا هـ .

                                                                                        وقال القاضي الإسبيجابي : وأما الكلب يحتمل الذكاة والدباغة في ظاهر الرواية خلافا لما روى الحسن ا هـ .

                                                                                        فإذا علمت هذا فاعلم أن الجلد لا يطهر بالدباغ على القول بنجاسته ، ويطهر به على القول بطهارته ، وإذا وقع في بئر واستخرج حيا تنجس الماء كله مطلقا على القول بنجاسته كما لو وقع الخنزير وعلى القول بطهارته لا يتنجس إلا إذا وصل فمه الماء ، وإذا ذكي لا يطهر جلده ولا لحمه على القول بالنجاسة كالخنزير ويطهر على القول بالطهارة

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية