[ ص: 312 ] ( قوله ) ; لأنه نوع مرض يضعف القوى ولا يزيل الحجا فيصير عذرا في التأخير لا في الإسقاط وإنما لا يقضي اليوم الأول لوجود الصوم فيه وهو الإمساك المقرون بالنية إذ الظاهر وجودها منه ويقضي ما بعده لانعدام النية ولا فرق بين أن يحدث الإغماء في الليل أو في النهار في أنه لا يقضي اليوم الأول وإنما ذكر ويقضي بإغماء سوى يوم حدث في ليلته المصنف حدوثه في ليلته ليعلم حكم ما إذا حدث في اليوم بالأولى لوجود الإمساك وهو ليس بمغمى عليه وأشار إلى أن الإغماء لو كان في شعبان قضاه كله لعدم النية وإلى أنه لو كان متهتكا يعتاد الأكل في رمضان أو مسافرا قضاه كله لعدم ما يدل على وجود النية ( قوله : وبجنون غير ممتد ) أي وهو أن لا يستوعب الشهر والممتد هو أن يستوعب الشهر وهو مسقط للحرج بخلاف ما دونه ; لأن السبب قد وجد وهو الشهر والأهلية بالذمة وفي الوجوب فائدة وهو صيرورته مطلوبا على وجه لا يحرج في أدائه بخلاف المستوعب فإنه يحرج في أدائه فلا فائدة فيه والإغماء لا يستوعب الشهر عادة فلا حرج وإلا كان ربما يموت فإنه لا يأكل ولا يشرب أطلقه فشمل الجنون الأصلي والعارض وهو ظاهر الرواية وعن يقضيه إذا فاته بجنون غير ممتد أنه فرق بينهما ; لأنه إذا بلغ مجنونا التحق بالصبي فانعدم الخطاب بخلاف ما إذا بلغ عاقلا ثم جن وهذا مختار بعض المتأخرين ودخل تحت غير الممتد ما إذا محمد سواء كان قبل الزوال أو بعده فإنه يلزمه قضاء جميع الشهر خلافا لما في غاية البيان عن أفاق آخر يوم من رمضان حميد الدين الضرير أنه قال إذا أفاق بعد الزوال في آخر يوم من رمضان لا يلزمه شيء وصححه في النهاية والظهيرية ; لأن الصوم لا يصح فيه كالليل اعلم أن الجنون ينافي النية التي هي شرط العبادات فلا يجب مع الممتد منه مطلقا للحرج وما لا يمتد جعل كالنوم ; لأن الجنون لا ينفي أصل الوجوب إذ هو بالذمة وهي ثابتة له باعتبار آدميته حتى ورث وملك وكان أهلا للثواب كأن صح فلا يقضي لو أفاق بعده وصح إسلامه تبعا نوى صوم الغد بعد غروب الشمس فجن فيه ممسكا كله
وإذا كان المسقط الحرج لزم اختلاف الامتداد المسقط فقدر في الصلاة بالزيادة على يوم وليلة عندهما وعند بصيرورة الصلاة ستا وهو أقيس لكنهما [ ص: 313 ] أقاما الوقت مقام الواجب كما في المستحاضة وفي الصوم باستغراق الشهر ليله ونهاره وفي الزكاة باستغراق الحول محمد جعل أكثره ككله وأما الصغير فقبل أن يعقل كالجنون الممتد وإذا عقل تأهل للأداء دون الوجوب إلا الإيمان وأما النائم فلكون النوم موجبا للعجز لزم تأخير خطاب الأداء لا أصل الوجوب ولذا وجب القضاء إذا زال بعد الوقت ولما كان لا يمتد غالبا لم يسقط به شيء من العبادات لعدم الحرج والإغماء فوقه وإن امتد في الصلوات بأن زاد على يوم وليلة جعل عذرا مسقطا لها دفعا للحرج لكونه غالبا ولم يجعل عذرا في الصوم ; لأن امتداده شهرا نادر فلم يكن في إيجابه حرج بهذا ظهر أن الأعذار أربعة صبا وجنون وإغماء ونوم وقد علم أحكامها والله الموفق للصواب . وأبو يوسف