( قوله : ساعة ) لقول وأقله نفلا في الأصل إذا محمد فهو معتكف ما أقام تارك له إذا خرج فكان ظاهر الرواية واستنبط المشايخ منه أن الصوم ليس من شرطه على ظاهر الرواية ; لأن مبنى النفل على المسامحة حتى جازت صلاته قاعدا ، أو راكبا مع قدرته على الركوب والنزول ونظر فيه المحقق في فتح القدير بأنه لا يمتنع عند العقل القول بصحة دخل المسجد بنية الاعتكاف وإن كان الصوم لا يكون أقل من يوم وحاصله أن من أراد أن يعتكف فليصم سواء كان يريد اعتكاف يوم ، أو دونه ولا مانع من اعتبار شرط يكون أطول من مشروطه ومن ادعاه فهو بلا دليل فهذا الاستنباط غير صحيح بلا موجب فالاعتكاف لا يقدر شرعا بكمية لا تصح دونها كالصوم بل كل جزء منه لا يفتقر في كونه عبادة إلى الجزء الآخر ولم يستلزم تقدير شرطه تقديره . ا هـ . اعتكاف ساعة مع اشتراط الصوم له
ولا يخفى أن ما ادعاه أمر عقلي مسلم وبهذا لا يندفع ما صرح به المشايخ الثقات من أن ظاهر الرواية أن الصوم ليس من شرطه وممن صرح به صاحب المبسوط وشرح وفتاوى الطحاوي قاضي خان والذخيرة والفتاوى الظهيرية والكافي للمصنف والبدائع والنهاية وغاية البيان والتبيين وغيرهم والكل مصرحون بأن ظاهر الرواية أن [ ص: 324 ] الصوم ليس من شرطه لكن وقع لصاحب المبسوط أنه قال وفي ظاهر الرواية يجوز النفل من الاعتكاف من غير صوم فإنه قال في الكتاب إذا دخل المسجد بنية الاعتكاف فهو معتكف ما أقام تارك له إذا خرج وظاهره أن مستند ظاهر الرواية ما ذكره في الكتاب ولا يمتنع أن يكون مستنده صريحا آخر بل هو الظاهر لنقل الثقات وعبارة البدائع وأما اعتكاف التطوع فالصوم ليس بشرط لجوازه في ظاهر الرواية وروى الحسن أنه شرط واختلاف الرواية فيه مبني على اختلاف الرواية في اعتكاف التطوع أنه مقدر بيوم ، أو غير مقدر ذكر في الأصل أنه غير مقدر فلم يكن الصوم شرطا ; لأن الصوم مقدر بيوم إذ صوم بعض اليوم ليس بمشروع فلا يصلح شرطا لما ليس بمقدر . ا هـ . محمد
وهي تفيد أن ظاهر الرواية مروي لا مستنبط وأشار إلى أنه لو شرع في النفل ثم قطعه لا يلزمه القضاء في ظاهر الرواية ; لأنه غير مقدر فلم يكن قطعه إبطالا وقد ذكروا في الحيض أن الساعة اسم لقطعة من الزمن عند الفقهاء ولا يختص بخمسة عشر درجة كما يقوله أهل الميقات فكذا هنا وأطلق في المسجد فأفاد أن وصححه في غاية البيان لإطلاق قوله تعالى { الاعتكاف يصح في كل مسجد وأنتم عاكفون في المساجد }
وصحح قاضي خان في فتاويه أنه يصح في كل مسجد له أذان وإقامة واختار في الهداية أنه لا يصح إلا في مسجد الجماعة وعن تخصيصه بالواجب أما في النفل فيجوز في غير مسجد الجماعة ذكره في النهاية وصحح في فتح القدير عن بعض المشايخ ما روي عن أبي يوسف أن كل مسجد له إمام ومؤذن معلوم ويصلي فيه الخمس بالجماعة يصح الاعتكاف فيه وفي الكافي أراد به أبي حنيفة غير الجامع فإن الجامع يجوز الاعتكاف فيه وإن لم يصلوا فيه الصلوات كلها ويوافقه ما في غاية البيان عن الفتاوى يجوز أبو حنيفة وإن لم يصلوا فيه بالجماعة وهذا كله لبيان الصحة وأما الأفضل فأن يكون في الاعتكاف في الجامع المسجد الحرام ثم في مسجد المدينة وهو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مسجد بيت المقدس ثم مسجد الجامع ثم المساجد العظام التي كثر أهلها كذا في البدائع وشرح وظاهره أن المجاورة الطحاوي بمكة ليس بمكروه والمروي عن الكراهة وعلى قولهما لا بأس به وهو الأفضل قال في النهاية وعليه عمل الناس اليوم إلا أن يقال إن مرادهم الاعتكاف فيه في أيام الموسم فلا يدل على المسألة . أبي حنيفة