الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وأمن طريق ) أي وبشرط أمن طريق يعني وقت خروج أهل بلده وإن كان مخيفا في غيره وحقيقة أمن الطريق أن يكون الغالب فيه السلامة كما اختاره الفقيه أبو الليث وعليه الاعتماد وما أفتى به أبو بكر الرازي من سقوط الحج عن أهل بغداد وقول أبي بكر الإسكاف لا أقول : الحج فريضة في زماننا قاله سنة ست وعشرين وثلثمائة وقول الثلجي ليس على أهل خراسان حج مذ كذا وكذا سنة كان وقت غلبة النهب والخوف في الطريق فلا يعارض ما ذكرنا وما قاله الصفار من إني لا أرى الحج فرضا من حين خرجت القرامطة وما علل به في الفتاوى الظهيرية بأن الحاج لا يتوصل إلى الحج إلا بالرشوة للقرامطة وغيرهم فتكون الطاعة سببا للمعصية مردود بأن هذا لم يكن من شأنهم ; لأنهم طائفة من الخوارج كانوا يستحلون قتل المسلمين وأخذ أموالهم وكانوا يغلبون على أماكن ويترصدون للحاج وعلى تقدير أخذهم الرشوة فالإثم في مثله على الآخذ لا المعطي على ما عرف من تقسيم الرشوة في كتاب القضاء ولا يترك الفرض لمعصية عاص قال في فتح القدير والذي يظهر أن يعتبر مع غلبة السلامة عدم غلبة الخوف حتى إذا غلب الخوف على القلوب من المحاربين لوقوع النهب والغلبة منهم مرارا وسمعوا أن طائفة تعرضت للطريق ولها شوكة والناس يستضعفون أنفسهم عنهم لا يجب واختلف في سقوطه إذا لم يكن بد من ركوب البحر فقيل البحر يمنع الوجوب وقال الكرماني إن كان الغالب في البحر السلامة من موضع جرت العادة بركوبه يجب وإلا فلا وهو الأصح وسيحون وجيحون والفرات والنيل أنهار لا بحار كما في الحديث { سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة } .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قول المصنف وأمن طريق ) اختلف هل هو من شرائط الوجوب أو الأداء والراجح الثاني كما سيأتي ( قوله : وعلى تقدير أخذهم الرشوة إلخ ) كذا في الفتح قال في النهر ورده بعض المتأخرين بأن ما ذكر في القضاء ليس على إطلاقه بل فيما إذا كان المعطي مضطرا بأن لزمه الإعطاء ضرورة عن نفسه أو ماله أما إذا كان بالالتزام منه فبالإعطاء أيضا يأثم وما نحن فيه من هذا القبيل ا هـ .

                                                                                        وأراد ببعض المتأخرين ابن كمال باشا في شرحه على الهداية وفي حاشية الرملي وإن كان الإثم على الآخذ ، لكن وجود الضرر العائد على المعطي في ماله صيره عذرا في ترك الحج لا كون الإثم لذلك ولو صح هذا للزم الحج مع تحقيق القتل والنهب ا هـ .

                                                                                        وأجيب عما في النهر بأنه قد يقال إن المعطي مضطر لإسقاط الفرض عن نفسه ولهذا والله تعالى أعلم جزم في الدر المختار بما في الفتح ثم قال وسيجيء آخر الكتاب أن قتل بعض الحجاج عذر ، وهل ما يؤخذ في الطريق من المكس والخفارة عذر ؟ قولان والمعتمد لا ، كما في القنية والمجتبى وعليه فيحتسب في الفاضل عما لا بد منه القدرة على المكس ونحوه كما في مناسك الطرابلسي ا هـ .

                                                                                        وأما ما قاله [ ص: 339 ] الرملي فلا يخفى ما فيه إذ القتل والنهب المؤدي إلى الهلاك ليس كهذا بلا شبهة تدبر .




                                                                                        الخدمات العلمية