( قوله ) لفعله عليه السلام كذلك لما رواه وطف مضطبعا وراء الحطيم آخذا عن يمينك مما يلي الباب سبعة أشواط أبو داود ، وهو أن يدخل ثوبه تحت يده اليمنى ويلقيه على عاتقه الأيسر يقال اضطبع بثوبه وتأبط به وقولهم اضطبع رداءه سهو ، وإنما الصواب بردائه كذا في المغرب وهو سنة مأخوذ من الضبع وهو العضد ; لأنه يبقى مكشوفا وينبغي أن يفعله قبل الشروع في الطواف بقليل ، وأما إدخال الحطيم في طوافه فهو واجب ; لأن الحطيم ثبت كونه من البيت بخبر الواحد حتى لو تركه يؤمر بإعادة الطواف من الأصل أو إعادته على الحطيم ما دام بمكة ، ولو لم يعد لزمه دم ولو استقبل الحطيم وحده لا تجوز صلاته ; لأن فرضية التوجه ثبتت بنص الكتاب فلا تتأدى بما ثبت بخبر الواحد احتياطا ، وله ثلاث أسام حطيم وحظيرة وحجر وهو اسم لموضع متصل بالبيت من الجانب الغربي بينه وبين البيت فرجة وسمي به ; لأنه حطم من البيت أي كسر فعيل بمعنى مفعول كالقتيل بمعنى المقتول ; أو لأن من دعا على من ظلمه فيه حطمه الله كما جاء في الحديث فهو بمعنى فاعل كذا في كشف الأسرار ، وليس كله من البيت بل مقدار ستة أذرع من البيت برواية عن مسلم وفي غاية البيان أن فيه قبر عائشة هاجر وإسماعيل عليهما السلام ، وأما أخذه عن يمينه مما يلي الباب فهو واجب أيضا حتى لو طاف منكوسا صح ، وأثم لتركه الواجب ويجب إعادته ما دام بمكة فإن رجع قبل إعادته فعليه دم ، والحكمة في كونه يجعل البيت عن يساره أن الطائف بالبيت مؤتم به ، والواحد مع الإمام يكون الإمام على يساره وقيل لأن القلب في الجانب الأيسر ، وقيل ليكون الباب في أول طوافه لقوله تعالى { وأتوا البيوت من أبوابها } .
وأشار بقوله مما يلي الباب أن الافتتاح من الحجر الأسود واجب ; لأنه عليه السلام لم يتركه قط ، وقيل شرط حتى لو افتتح من غيره لا يجزئه ; لأن الأمر بالطواف في الآية مجمل في حق الابتداء فالتحق فعله عليه السلام بيانا له كذا في فتح القدير هنا وفي باب الجنايات ذكر أن [ ص: 353 ] ظاهر الروايات أنه سنة ، وذكر في المحيط أنه سنة عند عامة المشايخ حتى لو افتتح من غير الحجر جاز ويكره ، وذكر في الرقيات أنه لم يجز ذلك القدر وعليه الإعادة ، وإليه أشار في الأصل فقد جعل البداية منه فرضا ا هـ . محمد
والأوجه الوجوب للمواظبة والافتراض بعيد عن الأصول للزوم الزيادة على القطعي بخبر الواحد ، ولعل صاحب المحيط أراد بالسنة السنة المؤكدة التي بمعنى الواجب ، وتكون الكراهة تحريمية ، ولما كان الابتداء من الحجر واجبا كان الابتداء من الطواف من الجهة التي فيها الركن اليماني قريبا من الحجر الأسود متعينا ليكون مارا بجميع بدنه على جميع الحجر الأسود ، وكثير من العوام شاهدناهم يبتدئون الطواف وبعض الحجر خارج عن طوافهم فاحذره ، وقوله سبعة أشواط بيان للواجب لا للفرض في الطواف فإنا قدمنا أن أقل الأشواط السبعة واجبة تجبر بالدم فالركن أكثر الأشواط ، واختلف فيه فقيل أربعة أشواط وهو الصحيح نص عليه في المبسوط ، وذكر محمد الجرجاني أنه ثلاثة أشواط وثلثا شوط ، وخالف المحقق ابن الهمام أهل المذهب ، وجزم بأن السبعة ركن فإنه لا يجزئ أقل منها ، وأن هذا ليس من قبيل ما يقام فيه الأكثر مقام الكل ، وأطال الكلام فيه في الجنايات ، وهذا التقدير أعني السبعة مانع للنقصان اتفاقا ، واختلفوا في منعه للزيادة حتى لو اختلفوا فيه طاف ثامنا ، وعلم أنه ثامن
والصحيح أنه يلزم إتمام الأسبوع ; لأنه شرع فيه ملتزما بخلاف ما إذا ظن أنه سابع ثم تبين له أنه ثامن فإنه لا يلزمه الإتمام ; لأنه شرع فيه مسقطا لا ملتزما كالعبادة المظنونة كذا في المحيط ، وبهذا علم أن الطواف خالف الحج فإنه إذا شرع فيه مسقطا يلزمه إتمامه بخلاف بقية العبادات ، والأشواط جمع شوط وهو جري مرة إلى الغاية كذا في المغرب وفي الخانية من الحجر إلى الحجر شوط ، واعلم أن مكان الطواف داخل المسجد الحرام حتى لو زمزم أو من وراء السواري جاز ومن خارج المسجد لا يجوز وعليه أن يعيد ; لأنه لا يمكنه الطواف ملاصقا لحائط طاف بالبيت من وراء البيت فلا بد من حد فاصل بين القريب والبعيد فجعلنا الفاصل حائط المسجد ; لأنه في حكم بقعة [ ص: 354 ] واحدة فإذا طاف خارج المسجد فقد طاف بالمسجد لا بالبيت ; لأن حيطان المسجد تحول بينه وبين البيت كذا في المحيط
وقد علمت مما قدمناه من واجبات الحج أن الطهارة فيه من الحدثين واجب ، وكذا ستر العورة فلو لزمه دم كذا في الظهيرية ، وأما الطهارة من الخبث فمن السنة لا يلزمه بتركها شيء كما صرح به في المحيط وغيره لكن صرح في الفتاوى الظهيرية بأنه لو طاف مكشوف العورة قدر ما لا تجوز الصلاة معه فهذا وما لو طاف عريانا سواء فإن كان من الثوب قدر ما يواري عورته طاهرا والباقي نجسا جاز طوافه ولا شيء عليه ، وأطلق الطواف فأفاد أنه لا يكره في الأوقات التي تكره الصلاة فيها ; لأن الطواف ليس بصلاة حقيقة ، ولهذا أبيح الكلام فيه كما ورد في الحديث ، ولا تبطله المحاذاة ، وقالوا لا بأس بأن يفتي في الطواف ويشرب ويفعل ما يحتاج إليه ، لكن يكره إنشاد الشعر فيه والحديث لغير حاجة والبيع ، وأما قراءة القرآن فيه فمباحة في نفسه ولا يرفع بها صوته كما في المحيط ، والمعروف في الطواف إنما هو مجرد ذكر الله روى طاف طواف الزيارة في ثوب كله نجس عن ابن ماجه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول { أبي هريرة بالبيت سبعا ولم يتكلم إلا بسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله محيت عنه عشر سيئات وكتبت له عشر حسنات ورفع له بها عشر درجات } من طاف
وفي المحيط لو بنى . خرج من طوافه إلى جنازة أو مكتوبة أو تجديد وضوء ثم عاد