( قوله : ولا يشرب أصلا ) أي لا يشرب أصلا لا للتداوي ولا لغيره ، وهذا عند بول ما يؤكل لحمه وقال أبي حنيفة يجوز للتداوي ; لأنه لما ورد الحديث به في قصة أبو يوسف العرنيين جاز التداوي به ، وإن كان نجسا وقال يجوز شربه مطلقا للتداوي وغيره لطهارته عنده ووجه قول محمد رحمه الله أنه [ ص: 122 ] نجس أبي حنيفة فلا يجوز فما ظنك بالنجس ; ولأن الحرمة ثابتة فلا يعرض عنها إلا بتيقن الشفاء وتأويل ما روي في قصة والتداوي بالطاهر المحرم كلبن الأتان العرنيين أنه عليه السلام عرف شفاءهم فيه وحيا ولم يوجد تيقن شفاء غيرهم ; لأن المرجع فيه الأطباء وقولهم ليس بحجة قطعية وجاز أن يكون شفاء قوم دون قوم لاختلاف الأمزجة حتى لو تعين الحرام مدفعا للهلاك الآن يحل كالميتة والخمر عند الضرورة ; ولأنه عليه السلام علم موتهم مرتدين وحيا ولا يبعد أن يكون شفاء الكافرين في نجس دون المؤمنين بدليل قوله تعالى { الخبيثات للخبيثين } وبدليل ما روى عن البخاري رضي الله عنه { ابن مسعود } فاستفيد من كاف الخطاب أن الحكم مختص بالمؤمنين هذا وقد وقع الاختلاف بين مشايخنا في أنه عليه السلام قال إن الله تعالى لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم ففي النهاية عن الذخيرة الاستشفاء بالحرام يجوز إذا علم أن فيه شفاء ولم يعلم دواء آخر ا هـ . التداوي بالمحرم
وفي فتاوى قاضي خان معزيا إلى نصر بن سلام معنى قوله عليه السلام { } إنما قال ذلك في الأشياء التي لا يكون فيها شفاء فأما إذا كان فيها شفاء فلا بأس به ألا ترى أن العطشان يحل له شرب الخمر للضرورة ا هـ . إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم
وكذا اختار صاحب الهداية في التجنيس فقال إذا سال الدم من أنف إنسان يكتب فاتحة الكتاب بالدم على جبهته وأنفه ويجوز ذلك للاستشفاء والمعالجة ، ولو كتب بالبول إن علم أن فيه شفاء لا بأس بذلك لكن لم ينقل ، وهذا ; لأن الحرمة ساقطة عند الاستشفاء ألا ترى أن العطشان يجوز له شرب الخمر والجائع يحل له أكل الميتة . ا هـ . وسيأتي لهذا زيادة بيان في باب الكراهية إن شاء الله تعالى قال في التبيين وقول مشكل ; لأن كثيرا من الطاهر لا يجوز شربه وقول محمد أشد إشكالا ا هـ . أبي يوسف
وقد يقال إنه لا إشكال فيه أصلا ; لأنه قال بنجاسته عملا بحديث { } وقال بجواز شربه للتداوي عملا بحديث استنزهوا من البول العرنيين .
[ ص: 122 ]