( قوله ولو جاز ) أي أحرم أطلقه فشمل ما إذا كان أمره بأن يحرم عنه عند عجزه أولا ، والأول متفق عليه وفي الثاني خلاف أهل عنه رفيقه بإغمائه أبي يوسف بناء على أن المرافقة أمر به دلالة عند العجز عند ومحمد ، وعندهما إنما تراد المرافقة لأمر السفر لا غير ، ويتفرع على ثبوت الإذن دلالة مسائل ذكرها في جامع الفصولين منها مسألة الحج ومنها ذبح شاة قصاب شدها للذبح لا ضمان عليه لا لو لم يشدها ، ومنها ذبح أضحية غيره من أيامها بلا إذنه ذكرها في أكثر الكتب مطلقة وقيدت في بعضها بما إذا أضجعها للذبح ومنها وضع القدر على كانون وفيه اللحم ووضع الحطب تحتها فوقد النار رجل وطبخ لا ضمان عليه ، ومنها جعل بره في دورق وربط الحمار فساقه رجل حتى طحنه ، ومنها سقط حمل في الطريق فحمل بلا إذن ربه فتلفت الدابة ومنها رفع جرة نفسه فأعانه آخر على الرفع فانكسرت . أبي حنيفة
ومنها مزارع زرع الأرض ببذر ربها ولم ينبت حتى سقاها ربها بلا أمره فالخارج بينهما ; لأنه لما هيئت للسقي [ ص: 380 ] والتربية صار مستعينا بكل من قام به دلالة ، وكذا لو سقاها أجنبي والمسألة بحالها ومنها من أحضر فعلة لهدم دار فهدم آخر بلا إذن لا يضمن استحسانا ، والأصل في جنسها أن كل عمل لا يتفاوت فيه الناس تثبت الاستعانة فيه بكل أحد دلالة وكل عمل يتفاوت فيه الناس لا تثبت الاستعانة فيه بكل أحد كما لو ضمن ا هـ . ذبح شاة وعلقها للسلخ فسلخها رجل بلا إذنه
وقد قدمنا أن الإحرام هو النية مع التلبية فإذا نوى الرفيق ولبى صار المغمى عليه محرما لا الرفيق ولذا يجوز للرفيق بعده أن يحرم عن نفسه ، ويصح منه عن المغمى عليه ولو كان محرما لنفسه ولا يلزم النائب التجرد عن المخيط لأجل إحرامه عن المغمى عليه ، ولو لزمه جزاء واحد بخلاف القارن يلزمه جزاءان ; لأنه محرم بإحرامين . أحرم عن نفسه وعن رفيقه وارتكب محظور إحرامه
وشمل ما إذا أحرم عنه بحجة أو عمرة أو بهما من الميقات أو بمكة ، ولم أره صريحا والمراد بالرفيق واحد من أهل القافلة سواء كان مخالطا له أو لا كما قالوا فيما إذا خاف عطش رفيقه في التيمم أنه الواحد من القافلة ، كما صرح به الحدادي في السراج الوهاج فحينئذ ذكر الرفيق في عبارتهم هنا لبيان الواقع ، لكن ذكر في المحيط أنه لو أحرم عنه غير رفيقه على قول قيل يجوز وقيل لا يجوز ، ولم يرجح ورجح في فتح القدير الجواز ; لأن هذا من باب الإعانة لا الولاية ودلالة الإعانة قائمة عند كل من علم قصده رفيقا كان أو لا ، وأصله أن الإحرام شرط عندنا اتفاقا كالوضوء وستر العورة ، وإن كان له شبه بالركن فجازت النيابة فيه بعد وجود نية العبادة منه عند خروجه من بلده . أبي حنيفة
وإنما اختلفوا في هذه المسألة بناء على أن المرافقة تكون أمرا به دلالة عند العجز أو لا ا هـ .
ويرجحه أيضا أن المسائل التي ذكرنا أن الإذن ثابت فيها دلالة لم تختص بواحد معين بل الناس كلهم فيها على السواء .
وأشار إلى أنه لو استمر مغمى عليه إلى وقت أداء الأفعال فأدى عنه رفيقه فإنه يجوز ، وإن لم يشهد به المشاهد ولم يطف به ، وصححه صاحب المبسوط ; لأن هذه العبادة مما تجزئ فيها النيابة عند العجز كما في استنابة الزمن غير أنه إن أفاق قبل الأفعال تبين أن عجزه كان في الإحرام فقط فصحت النيابة فيه ، ثم يجري هو على موجبه ، وإن لم يفق تحقق عجزه عن الكل غير أنه لا يلزم الرفيق بفعل المحظور شيء بخلاف النائب في الحج عن الميت ; لأنه يتوقع إفاقته في كل ساعة فنقلنا الإحرام إليه بخلاف الميت وقيد بكونه أغمي عليه قبل الإحرام إذ لو فلا بد من أن يشهد به الرفيق المناسك عند أصحابنا جميعا على ما ذكره أغمي عليه بعد الإحرام فخر الإسلام ; لأنه هو الفاعل .
وقد سبقت النية منه ، ويشترط نيتهم الطواف إذا حملوه كما يشترط نيته ، وقيدنا بالإغماء ; لأن المريض الذي لا يستطيع الطواف إذا طاف به رفيقه وهو نائم إن كان بأمره جاز ; لأن فعل المأمور كفعل الآمر وإلا فلا كذا في المحيط فظهر أن النائم يشترط صريح الإذن منه بخلاف المغمى عليه ، وأنه يشترط نية الحامل للطواف إن كان المحمول مغمى عليه حتى لو حمله وطاف به طالبا الغريم لم يجزه بخلاف النائم لا تشترط نية الحامل له [ ص: 381 ] للطواف ; لأن نية الإحرام منه كافية كما صرح به في المحيط وفيه بحث فإن الطواف لا بد له من أصل النية ولا يكفي نية الإحرام له كما قدمناه فينبغي أنه لا بد من نية الحامل في المسألتين اللهم إلا أن يقال أن نية الإحرام لا تكفي للطواف عند القدرة عليها .
وأما النائم فلا قدرة له عليها وذكر في المحيط أن استئجار المريض من يحمله ويطوف به صحيح وله الأجرة إذا طاف به ، وأن المريض الذي لا يستطيع الرمي توضع الحصاة في كفه ليرمي به أو يرمي عنه غيره بأمره ، ودل كلامه أن للأب أن يحرم عن ولده الصغير والمجنون ويقضي المناسك كلها بالأولى ، ولو ترك رمي الجمار أو الوقوف بالمزدلفة لا يلزمه شيء كذا في المحيط ، وذكر الإسبيجابي ومن طيف به محمولا أجزأه ذلك الطواف عن الحامل والمحمول جميعا ، وسواء نوى الحامل الطواف عن نفسه وعن المحمول أو لم ينو ، أو كان للحامل طواف العمرة وللمحمول طواف الحج أو للحامل طواف الحج وللمحمول طواف العمرة أو يكون الحامل ليس بمجرد والمحمول عما أوجبه إحرامه وإن طيف به لغير علة طواف العمرة أو الزيارة وجب عليه الإعادة أو الدم ا هـ .