( باب التمتع ) أخره في القران لتأخره عنه رتبة كما قدمه وهو في اللغة من المتاع أو المتعة وهو الانتفاع [ ص: 390 ] أو النفع وفي الشريعة ما ذكره بقوله ( وهو أن يحرم بعمرة من الميقات فيطوف لها ويسعى ويحلق أو يقصر وقد حل منها ويقطع التلبية بأول الطواف ثم يحرم بالحج يوم التروية من الحرم ويحج ) فقوله من الميقات للاحتراز عن مكة فإنه ليس لأهلها تمتع ولا قران لا للاحتراز عن دويرة أهله أو غيرها كما بيناه في القران ، ولم يقيد إحرامها بأشهر الحج ; لأنه ليس بشرط لكن أداء أكثر طوافها فيها شرط فلو طاف الأقل في رمضان مثلا ثم طاف الباقي في شوال ثم حج من عامه كان متمتعا ، وإنما لم يقيد الطواف به لما يصرح به في هذا الباب ، وإنما ذكر الحلق لبيان تمام أفعال العمرة لا ; لأنه شرط في التمتع ; لأنه مخير بينه وبين بقائه محرما بها إلى أن يدخل إحرام الحج ولا يرد عليه المتمتع الذي ساق الهدي فإنه لا يجوز له الحلق للعمرة حتى لو حلق لها لزمه دم ; لأن سوق الهدي عارض منعه من التحلل على خلاف الأصل ، وفي قوله ثم يحرم بالحج دلالة على تراخي إحرامه عن أفعالها فخرج القران ولم يقيد الحج بأن يكون من عامه للعلم به ; لأن الترفق بأداء النسكين في سفرة واحدة . معنى التمتع
ولا يشترط أن يكون من عام الإحرام بالعمرة بل من عام فعلها حتى لو أحرم بعمرة في رمضان ، وأقام على إحرامه إلى شوال من العام القابل ثم طاف لعمرته من القابل ثم حج من عامه ذلك كان متمتعا بخلاف من وجب عليه أن يتحلل من الحج بعمرة كفائت الحج فأخر إلى قابل فتحلل بها في شوال وحج من عامه ذلك لا يكون متمتعا ; لأنه ما أتى بأفعالها عن إحرام عمرة بل للتحلل عن إحرام الحج فلم تقع هذه الأفعال معتدا بها عن العمرة فلم يكن متمتعا ، وقوله يوم التروية بيان للجواز وإلا فالأفضل أن يكون قبله للمسارعة إلى الخير ، وقوله من الحرم بيان للميقات المكاني لأهل مكة ولم يقيد بعدم الإلمام بأهله فيما بينهما إلماما صحيحا لما يصرح به قريبا ، وحاصله أنه إن ألم بينهما بأهله إلماما صحيحا بطل تمتعه وإلا فلا ، والصحيح منه أن لا يكون العود مستحقا عليه يقال ألم بأهله نزل وهو يزور إلماما أي غبا كذا في المغرب ، وإنما يقطع التلبية فيها بأوله لما صححه أبو داود عن أنه عليه السلام كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر ولم يذكر طواف القدوم ; لأنه ليس على المتمتع طواف قدوم كذا في المبتغى أي لا يكون مسنونا في حقه بخلاف القارن ; لأن المتمتع حين قدومه محرم بالعمرة فقط ، وليس لها طواف قدوم ولا صدر ، والحكمة فيه أن المعتمر متمكن من أدائها حين وصل إلى البيت ، وأما الحاج فغير متمكن من طواف الزيارة لعدم وقته فسن له طواف القدوم إلى أن يجيء وقته ، والطواف ركن معظم في العمرة فلا يتكرر في الصدر كالوقوف للحج لا يتكرر كذا في النهاية وفي قوله ويحج دلالة على أنه يسعى للحج ، ويرمل في طوافه والذي أتى به أولا إنما هو عن العمرة فإن سعى المتمتع ورمل في طوافه بعد إحرامه بالحج لا يعيدهما في طواف الزيارة ; لأنهما لا يتكرران ( قوله ويذبح فإن عجز فقد مر ) أي في باب القران فإن حكمهما واحد . ابن عباس
[ ص: 390 ]