( قوله فإن بطل تمتعه وإن ساق لا ) أي لا يبطل يعني إذا حج من عامه لا يلزمه دم الشكر في الأول ويلزمه في الثاني عاد المتمتع إلى بلده بعد العمرة ولم يسق الهدي رحمه الله تعالى أبطل التمتع فيهما ; لأنه أداهما بسفرتين والمتمتع من يؤديهما بسفرة واحدة وهما جعلا استحقاق العود كعدمه فإنه بالهدي استدام إحرام العمرة إلى أن يحرم بالحج [ ص: 395 ] ويحل منهما ، وظاهر كلامهم أن سوق الهدي يمنعه من التحلل وأنه التزام لإحرام الحج من عامه لكن في فتح القدير أنه لو بدا له بعد العمرة أن لا يحج من عامه لا يؤاخذ بذلك فإنه لم يحرم بالحج بعد وإذا ذبح الهدي أو أمر بذبحه يقع تطوعا ا هـ . ومحمد
وكذا الشارح أيضا في دليل لكون العود غير مستحق عليه أنه لو بعث هديه لينحر عنه ولم يحج كان له ذلك فقولهما أن العود مستحق عليه بسوق الهدي معناه إذا أراد المتعة لا مطلقا وفي المحيط فإن محمد فله أن لا يحج ; لأنه لم يوجد منه في حق الحج إلا مجرد النية وبمجردها لا يلزمه الحج فإذا نوى أن لا يحج ارتفعت نية الحج فصار كأنه لم ينو في الابتداء وإن أراد أن ينحر هديه ، ويحل ولا يرجع إلى أهله ويحج من عامه ذلك لم يكن له ذلك ; لأنه مقيم على عزم التمتع فيمنعه الهدي من الإحلال فإن فعله ثم رجع إلى أهله ثم حج لا شيء عليه ; لأنه غير متمتع ولو حل ذبح الهدي ورجع إلى أهله بمكة ونحر هديه ثم حج قبل أن يرجع إلى أهله لزمه دم لتمتعه ; لأنه لم يلم بأهله فيما بين النسكين وعليه دم آخر ; لأنه حل قبل يوم النحر . ا هـ .
فالحاصل أنه إذا ساق الهدي لا يخلو إما أن يتركه إلى يوم النحر أو لا فإن تركه إليه فتمتعه صحيح ولا شيء عليه غيره سواء عاد إلى أهله أو لا وإن تعجل ذبحه فإما أن رجع إلى أهله أو لا فإن رجع إلى أهله فلا شيء عليه مطلقا سواء حج من عامه أو لا وإن لم يرجع إليهم فإن لم يحج من عامه فلا شيء عليه وإن حج منه لزمه دمان دم المتعة ودم الحل قبل أوانه ، ورجح في فتح القدير مذهب في أن عدم الإلمام بينهما ليس بشرط في التمتع فلا يبطل تمتعه بعوده إلى أهله سواء ساق الهدي أو لا ; لأن الآية إنما منعت التمتع لمن كان حاضر الشافعي المسجد الحرام لا لأجل إلمامهم بأهلهم بينهما بل لتيسر العمرة لهم في كل وقت بخلاف الغير قيد بقوله بعد العمرة ; لأنه لو عاد بعدما طاف لها الأقل لا يبطل تمتعه ; لأن العود مستحق عليه ; لأنه ألم بأهله محرما بخلاف ما إذا طاف الأكثر ، ودخل في قوله بعد العمرة الحلق فلا بد للبطلان منه ; لأنه من واجباتها وبه التحلل فلو عاد بعد طوافها قبل الحلق ثم حج من عامه قبل أن يحلق في أهله فهو متمتع ; لأن العود مستحق عليه عند من جعل الحرم شرطا في جواز الحلق وهو أبو حنيفة وعند ومحمد إن لم يكن مستحقا فهو مستحب كذا في البدائع وغيره . أبي يوسف