( قوله : وأربعون بنحو حمامة ) أي ينزح أربعون دلوا وسطا بموت نحو حمامة وقد تقدم دليله قريبا وقد ذكر المصنف في هذين النوعين القدر الواجب ولم يذكر المستحب ولم يتعرض له الشارح الزيلعي أيضا ، والمذكور في غيرهما أن المستحب في نحو الفأرة عشرة وفي نحو الدجاجة اختلف كلام في الأصل والجامع الصغير ففي الأصل ما يفيد أن المستحب عشرون وفي الجامع الصغير عشرة قال في الهداية : ، وهو الأظهر وعلل له في غاية البيان بأن الجامع الصغير صنف بعد الأصل فأفاد أن الظهور من جهة الرواية لا من جهة الدراية ، وقد يقال من جهة الدراية إن الذي يضعف بسبب كبر الحيوان إنما هو الواجب لا المستحب . محمد
واعلم أن القدر المستحب المذكور لم يصرح به في ظاهر الرواية ، وإنما فهمه بعض المشايخ من عبارة رحمه الله حيث قال ينزح في محمد عشرون أو ثلاثون وفي الفأرة أربعون أو خمسون فلم يرد به التخيير بل أراد به بيان الواجب والمستحب ، وليس هذا الفهم بلازم بل يحتمل أنه إنما قال ذلك لاختلاف الحيوانات في الصغر والكبر ، ففي الصغير ينزح الأقل وفي الكبير ينزح الأكثر وقد اختار هذا بعضهم كما نقله في البدائع ولعل هذا هو سبب ترك التعرض للمستحب في الكتاب ثم هذا إذا كان الواقع واحدا فأما إذا تعدد فالفأرتان إذا لم يكونا كهيئة الدجاجة كفأرة واحدة إجماعا وكذا إذا كان كهيئة الدجاجة إلا فيما روي عن الهرة أنه ينزح منها أربعون والهرتان كالشاة إجماعا وجعل محمد الثلاث والأربع كفأرة واحدة والخمسة كالهرة إلى التسع والعشرة كالكلب أبو يوسف
وقال الثلاث كالهرة والست كالكلب ولم يوجد التصحيح في كثير من الكتب لكن في المبسوط أن ظاهر الرواية أن الثلاث كالهرة فيفيد أن الست كالكلب وبه يترجح قول محمد وما كان بين الفأرة والهرة فحكمه حكم الفأرة وما كان بين الهرة والكلب فحكمه حكم الهرة وهكذا يكون حكم الأصغر والهرة مع الفأرة كالهرة ويدخل الأقل في الأكثر كذا في التجنيس وغيره وظاهره يخالف قول من قال إن محمد ينزح جميع الماء ; لأنها تبول غالبا على هذا القول يجب نزح الجميع في الهرة مع الفأرة ; لأنها تبول خوفا وقد جزم به جماعة لكن قال في المجتبى بخلافه وعليه الفتوى ا هـ . الفأرة إذا كانت هاربة من الهرة فوقعت في البئر وماتت
ولعل وجهه أن في ثبوت كونها بالت شكا فلا يثبت بالشك .
[ ص: 125 ]