( قوله : وكله بنحو شاة ) أي كالآدمي والكلب طاهرا كان أو نجسا ; لأن ينزح ماء البئر كله بموت ما عادل الشاة في الجثة ابن عباس أفتيا بنزح الماء كله حين مات زنجي في وابن الزبير بئر زمزم كما رواه ابن ابن سيرين وعطاء وعمرو بن دينار وقتادة أما رواية وأبو الطفيل فأخرجها ابن سيرين في سننه بإسناده عن الدارقطني أن زنجيا مات في زمزم فأمر به محمد بن سيرين فأخرج وأمر بها أن تنزح قال فغلبتهم عين جاءت من الركن قال فأمر بها فسدت بالقباطي والمطارف حتى نزحوها فلما نزحوها انفجرت عليهم والقباطي جمع قبطية ، وهو ثوب من ثياب ابن عباس مصر رقيقة بيضاء وكأنه منسوب إلى القبط وهم أهل مصر والمطارف أردية من خز مربعة لها أعلام مفردها مطرف بكسر الميم وضمها [ ص: 126 ]
، وأما رواية فرواها عطاء في مصنفه ابن أبي شيبة في شرح الآثار أن حبشيا وقع في والطحاوي بئر زمزم فمات فأمر فنزح ماؤها فجعل الماء لا ينقطع فنظر فإذا عين تجري من قبل ابن الزبير الحجر الأسود فقال حسبكم ، وأما رواية ابن الزبير عمرو بن دينار فرواها والآمر فيها بالنزح البيهقي ، وأما رواية ابن عباس فرواها قتادة في مصنفه والآمر ابن أبي شيبة ، وأما رواية ابن عباس فرواها أبي الطفيل والآمر البيهقي ، فإن قالوا رواية ابن عباس مرسلة ; لأنه لم يلق ابن سيرين بل سمعها من ابن عباس عكرمة وكذا لم يلق قتادة ، وأما رواية ابن عباس ابن دينار ففيها ولا يحتج به ، وأما رواية ابن لهيعة أبي طفيل ففيها جابر الجعفي ولا يحتج به وأما فهو ، وإن سمع من عطاء بلا خلاف لكن وجد ما يضعف روايته ، وهو ما رواه ابن الزبير عن البيهقي أنه قال أنا سفيان بن عيينة بمكة منذ سبعين سنة لم أر صغيرا ولا كبيرا يعرف حديث الزنجي الذي قالوا إنه وقع في بئر زمزم ولا سمعت أحدا يقول نزحت زمزم ثم أسند عن أنه قال لا يعرف هذا عن الشافعي وكيف يروي ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم { ابن عباس } ويتركه ، وإن كان قد فعل فلنجاسة ظهرت على وجه الماء أو نزحها للتنظيف لا للنجاسة ، فإن الماء لا ينجسه شيء زمزم للشرب فالجواب أن لما أرسل عن ابن سيرين ، وكان الواسطة بينهما ثقة ، وهو ابن عباس عكرمة كان الحديث صحيحا محتجا به وفي التمهيد مراسيل لابن عبد البر عندهم حجة صحاح كمراسيل ابن سيرين ، وأما سعيد بن المسيب الجعفي فقد وثقه الثوري واحتمله الناس ورووا عنه ولم يختلف أحد في الرواية عنه ورواه وشعبة عنه أيضا ، وأما الطحاوي قال ابن لهيعة ابن عدي هو حسن الحديث يكتب حديثه وقد حدث عنه الثقات الثوري وشعبة وعمرو بن الحارث والليث بن سعد
وأما عدم علم سفيان فلا يصلح دليلا في دين الله تعالى والإثبات مقدم على النفي ، فإن لم يعرفا فقد عرف غيرهما ممن ذكرناه من الأعلام الأئمة وإثباتهم مقدم على نفي غيرهم مع أن بينهما وبين ذلك الوقت قريبا من مائة وخمسين سنة ، وأما رواية والشافعي { ابن عباس } فيجوز أن يكون وقع عنده دليل أوجب تخصيصه ، فإن روايته كعلم المخالف به فكما قال الماء لا ينجسه شيء رحمه الله بتنجيس ما دون القلتين بدون تغير لدليل آخر وقع عنده أوجب تخصيص هذا الحديث لا يستبعد مثله الشافعي ، وأما تجويز كون النزح لنجاسة ظهرت أو للتنظيف فمخالف لظاهر الكلام ; لأن الظاهر من قول القائل مات فأمر بنزحها أنه للموت لا لنجاسة أخرى كقولهم زنى فرجم وسها فسجد وسرق فقطع على أن عندهم لا ينزح أيضا للنجاسة ، ولو كان للتنظيف لم يأمر بنزحها ولم يبالغوا هذه المبالغة العظيمة من سد العين وقول لابن عباس النووي كيف يصل هذا الخبر إلى أهل الكوفة ويجهله أهل مكة كبير أهل وسفيان بن عيينة مكة استبعاد بعد وضوح الطريق ومعارض بأن جمهور الصحابة وأصحابه كعلي وأصحابه وابن مسعود وأصحابه وأبي موسى الأشعري وجماعة من أصحابه وابن عباس وعامة أصحابه والتابعين انتقلوا إلى وسلمان الفارسي الكوفة والبصرة ولم يبق بمكة إلا القليل وانتشروا في البلاد للجهاد والولايات وسمع الناس منهم وانتشر العلم في جميع البلاد الإسلامية منهم حتى قال العجلي في تاريخه نزل الكوفة ألف وخمسمائة من الصحابة ونزل قرقيسياء ست مائة فيجوز أن يعرف أهل الكوفة أكثر من أهل مكة ولا ينكر هذا إلا مكابر وما ذكره أيضا مخالف لقول إمامه فقد حكى عن ابن عساكر أنه قال الشافعي أنتم أعلم بالأخبار الصحاح منا فإذا كان خبر صحيح فأعلموني حتى أذهب إليه كوفيا كان أو بصريا أو شاميا فهلا قال كيف يصل إلى أهل لأحمد الكوفة والبصرة والشام ويجهله أهل مكة والمدينة مع أن الغالب أن البئر إذا نزحت لا يحضرها أهل البلد ولا أكثرهم ، وإنما يحضر من له بصارة أو من يستعان [ ص: 127 ] به .