( قوله : وحرم الحرم ، وقطعه إلا الإذخر ) لإطلاق الحديث { رعي حشيش } ; لأنه لا فرق بين القطع بالمناجل والمشافر والمنجل ما يحصد به الزرع والمشفر للبعير كالحجلة من الفرس والشفة من الإنسان وجوز ، ولا يختلى خلاها رعيه لمكان الحرج في حق الزائرين والمقيمين ، وأجابا بمنع الحرج ; لأن الحمل من الحل متيسر ، ولئن كان فيه حرج فلا يعتبر ; لأن الحرج إنما يعتبر في موضع لا نص عليه ، وأما مع النص بخلافه فلا ، وأما الإذخر فهو نبت معروف أبو يوسف بمكة ، وقد استثناه عليه الصلاة والسلام بالتماس كما عرف في الصحيح وذكر في البدائع ثلاثة أوجه : الأول أنه عليه الصلاة والسلام كان في قلبه هذا الاستثناء إلا أن العباس سبقه فأظهر النبي صلى الله عليه وسلم بلسانه ما كان في قلبه . الثاني يحتمل أن الله تعالى أمره أن يخبر بتحريم كل خلا العباس مكة إلا ما يستثنيه وذلك غير ممتنع . الثالث يحتمل أنه عليه الصلاة والسلام عمم المنع فلما سأله العباس جاءه العباس جبريل برخصة الإذخر فاستثناه ، وهو استثناء صورة تخصيص معنى نسخ عندنا والتخصيص المتراخي عن العام جائز عندنا . ا هـ . والنسخ قبل التمكن من الفعل بعد التمكن من الاعتقاد
وقيد بالحشيش ; لأن الكماة من الحرم يجوز أخذها ; لأنها ليست من نبات الأرض ، وإنما هي مودعة فيها ; ولأنها لا تنمو ، ولا تبقى فأشبهت اليابس من النبات ، وأشار المصنف بذكر صيد الحرم وشجره وحشيشه إلى أنه لا بأس الحرم وترابه إلى الحل ; لأنه يجوز استعماله في بإخراج حجارة الحرم ففي الحل أولى كذا في المحيط وغيره ، وكذلك يجوز زمزم إلى سائر البلاد للعلة المذكورة ، وأما ثياب نقل ماء الكعبة فنقل أئمتنا أنه الكعبة ) لكن الواقع الآن أن الإمام أذن في إعطائها لا يجوز بيعها ، ولا شراؤها ( ثياب لبني شيبة عند التجديد وللإمام ذلك فأئمتنا إنما منعوا من بيعها ; لأنها مال بيت المال ، ولا شك أن التصرف فيه للإمام فحيث جعله عطاء لقوم مخصوصين فإن البيع جائز ، وهكذا اختاره الإمام النووي في شرح المهذب فقال : إن الأمر فيها إلى الإمام يصرفها في بعض مصارف بيت المال بيعا ، وعطاء لما رواه الأزرقي أن رضي الله عنه كان ينزع كسوة عمر البيت كل سنة فيقسمها على الحاج ; ولأنه لو لم يجز التصرف في كسوتها لتلفت بطول الزمان قال : ابن عباس وعائشة تباع كسوتها ويجعل ثمنها في سبيل الله والمساكين وابن السبيل ، ولا بأس أن يلبس كسوتها من صارت إليه من حائض وجنب [ ص: 48 ] وغيرهما ثم قال النووي : لا يجوز الكعبة لا للتبرك ، ولا لغيره ، ومن أخذ شيئا منه لزمه رده إليها فإن أراد التبرك أتى بطيب من عنده فمسحها به ثم أخذه ا هـ . أخذ شيء من طيب
[ ص: 47 ]