( قوله : ويبطل ) ; لأن بيعه حيا تعرض للصيد بفوات الأمن وبيعه بعد ما قتله بيع ميتة كذا علله في الهداية والظاهر من الصيد هو الحي ، وأما الميتة فمعلوم بطلان بيعها ، وأشار إلى أنه لو هلك في يد المشتري فإنه لا ضمان عليه للبائع إذا كان قد اصطاده البائع ، وهو محرم ; لأنه لم يملكه ، وإن كان قد اصطاده ، وهو حلال ثم أحرم فباعه فإن المشتري يضمن له قيمته ، وأما الجزاء فعلى كل واحد جزاء كامل ; لأن البائع جنى بالبيع والمشتري بالشراء والأخذ ، وإنما كان البيع باطلا ، ولم يكن فاسدا ; لأن بيع المحرم صيدا وشراؤه محرم العين بقوله تعالى { الصيد في حق المحرم وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } أضاف التحريم إلى العين فأفاد سقوط التقوم في حقه كالخمر في حق المسلم ، وحاصله إخراج العين عن المحلية لسائر التصرفات فيكون التصرف فيها عبثا فيكون قبيحا لعينه فيبطل سواء كانا محرمين أو أحدهما ولهذا أطلقه المصنف فإنه أفاد أن باطل ، ولو كان المشتري حلالا ، وأن شراءه باطل ، وإن كان البائع حلالا . بيع المحرم
وأما الجزاء فإنما يكون على المحرم حتى لو كان البائع حلالا والمشتري محرم لزم المشتري فقط ، وعلى هذا كل تصرف فإن وهب صيدا فإن كانا محرمين لزم كل واحد جزاء ، وإن كان أحدهما محرما لزمه فقط ، ولو رجع بالنقصان ، وليس له الرد ، وعلى هذا لو تبايعا صيدا في الحل ثم أحرما أو أحدهما ثم وجد المشتري به عيبا لزمه إرساله وضمان قيمته للمغصوب منه فلو لم يفعل ودفعه إلى المغصوب منه حتى برئ من الضمان له كان عليه الجزاء ، وقد أساء ، وهذا لغز يقال غاصب يجب عليه عدم الرد بل إذا فعل يجب به الضمان فلو أحرم المغصوب منه ثم دفعه إليه فعلى كل واحد منهما الجزاء . غصب حلال صيد حلال ثم أحرم الغاصب والصيد في يده
( قوله : الحرم فولدت فماتا ضمنهما فإن أدى جزاءها فولدت لا يضمن الولد ) ; لأن ومن أخرج ظبية الحرم بقي مستحق الأمن شرعا ولهذا وجب رده إلى مأمنه ، وهذه صفة شرعية فتسري إلى الولد فإن أدى جزاءها ثم ولدت ليس عليه جزاء الولد ; لأن بعد أداء الجزاء لم تبق آمنة ; لأن وصول الخلف كوصول الأصل ولهذا يملكها الذي أخرجها بعد أداء الجزاء ولهذا لو ذبحها لم تكن ميتة لكنه مكروه كذا قالوا : وقد بحث فيه الصيد بعد الإخراج من المحقق في فتح القدير فقال : والذي يقتضيه النظر أن أداء الجزاء إن كان حال القدرة على إعادة مأمنها بالرد إلى المأمن لا يقع كفارة ، ولا يحل بعده التعرض له بل حرمة التعرض إليها قائمة ، وإن كان حال العجز عنه بأن هربت في الحل بعد ما أخرجها إليه خرج به عن عهدتها فلا يضمن ما يحدث بعد التكفير من أولادها ، وله أن يصطادها ، وهذا ; لأن المتوجه قبل العجز عن تأمينها إنما هو خطاب الرد إلى المأمن ، ولا يزال متوجها ما كان قادرا ; لأن سقوط الأمر إنما [ ص: 51 ] هو بفعل المأمور به ما لم يعجز ، ولم يوجه فإذا عجز توحد خطاب الجزاء ، وقد صرح بأن الأخذ ليس سببا للضمان بل القتل بالنص فالتفكير قبله واقع قبل السبب فلا يقع إلا نفلا فإذا ماتت بعد أداء هذا الجزاء لزم الجزاء ; لأنه الآن تعلق خطاب الجزاء هذا الذي أدين الله به ، وأقول : يكره اصطيادها إذا أدى الجزاء بعد الهرب ثم ظفر بها بشبهة كون دوام العجز شرط إجزاء الكفارة إلا إذا الحرم . ا هـ . اصطادها ليردها إلى
وقد يقال إنه لا يخلو إما أن يكون المخرج محرما أو حلالا فإن كان محرما فلا شك أن سبب الضمان قد وجد ، وهو التعرض للصيد فإن الآية ، وإن أفادت حرمة القتل أفادت السنة حرمة التعرض قتلا أو غيره ولهذا وجب الضمان بالدلالة ، وليست قتلا ، وقد صرحوا كما قدمناه بأن فإنه لا يلزمه كفارة أخرى ; لأنه أدى بعد السبب ، وليس قتلا ، وإن كان المخرج حلالا فالنص الحديثي أفاد حرمة التنفير كما قدمناه بقوله ، ولا ينفر صيدها ، ولم يخص القتل والمراد من التنفير التعرض له فإنه حرام كالقتل ، وإن كان لا يجب عليه بالدلالة شيء فإذا أخرجها فقد اتصل فعله بها فوجد سبب الضمان فجاز التكفير فإذا أدى الجزاء ملكها ملكا خبيثا ولهذا قالوا يكره أكلها ، وهي عند إطلاقهم منصرفة إلى الكراهة التحريمية فدل أنه يجب ردها إلى المحرم إذا جرح صيدا فكفر ثم مات الحرم بعد أداء الجزاء ، ولو كان القتل عينا سببا للجزاء لم يجب الجزاء بإخراجها ، وعدم قدرته على ردها إلى الحرم بهربها فالظاهر ما ذهب إليه أئمتنا .
وأشار المصنف رحمه الله تعالى بحكم الزيادة المنفصلة إلى الزيادة المتصلة كالسمن والشعر .
فإن الحرم فازدادت قيمتها من بدن أو شعر ثم ماتت فإن لم يؤد جزاءها قبل موتها فالزيادة مضمونة ، وإن أدى جزاءها قبل موتها فهي غير مضمونة ; لأنه انعدم أثر الفعل بالتكفير حتى لو أنشأ الفعل فيها لم يضمن ، ولو أخرج حلال ظبية الحرم فباعها أو ذبحها أو أكلها ( ظبية الحرم ) جاز البيع والأكل ويكره ، وحكم الزيادة عند المشتري قبل التكفير وبعده على ما ذكرناه قبل الشراء كذا في المحيط ، وهو كما قدمناه يفيد أن الإخراج من أخرجها من الحرم لما كان سببا للضمان كان سببا للملك ، ولو لم يؤد الجزاء ، والظبية الأنثى من الظباء ، والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب ، وإليه المرجع والمآب .
[ ص: 50 ]