الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : فلو دخل كوفي البستان لحاجة له دخول مكة بغير إحرام ، ووقته البستان ) ; لأنه لم يقصد أولا دخول مكة ، وإنما قصد البستان فصار بمنزلة أهله حين دخله وللبستاني أن يدخل مكة بغير إحرام للحاجة فكذلك له والمراد بقوله ووقته البستان جميع الحل الذي بينه وبين الحرم قالوا : وهذه حيلة الآفاقي إذا أراد أن يدخل مكة بغير إحرام فينوي أن يدخل خليصا مثلا فله مجاوزة رابغ الذي هو ميقات الشامي والمصري المحاذي للجحفة ، ولم أر أن هذا القصد لا بد منه حين خروجه من بيته أولا ، والذي يظهر هو الأول فإنه لا شك أن [ ص: 53 ] الآفاقي يريد دخول الحل الذي بين الميقات والحرم ، وليس ذلك كافيا فلا بد من وجود قصد مكان مخصوص من الحل الداخل الميقات حين يخرج من بيته ، وإلا فالظاهر قول أبي يوسف أنه إذا نوى إقامة خمسة عشر يوما في البستان فله دخول مكة بلا إحرام ، وإلا فلا لكن ظاهر المذهب الإطلاق .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : والذي يظهر هو الأول إلخ ) قال : في النهر الظاهر أن وجود ذلك القصد عند المجاوزة كاف ويدل على ذلك ما في البدائع بعدما ذكر حكم المجاوزة بغير إحرام قال : هذا إذا جاوز أحد هذه المواقيت الخمسة يريد الحج أو العمرة أو دخول [ ص: 53 ] مكة أو الحرم بغير إحرام فأما إذا لم يرد ذلك ، وإنما أراد أن يأتي بستان بني عامر أو غيره لحاجة فلا شيء عليه . ا هـ .

                                                                                        فاعتبر الإرادة عند المجاوزة كما ترى . ا هـ .

                                                                                        أقول : وظاهر ما في البدائع أن من أراد النسك يلزمه الإحرام ، وإن قصد دخول البستان لقوله أما إذا لم يرد ذلك إلخ ، وكذا من يرد الحرم فلا تنفعه إرادة دخول البستان ويؤخذ ذلك أيضا من قوله في لباب المناسك ، ومن جاوز وقته يقصد مكانا في الحل ثم بدا له أن يدخل مكة فله أن يدخلها بغير إحرام فقوله ثم بدا له أي ظهر وحدث له يقتضي أنه لو أراد دخول مكة عند المجاوزة يلزمه الإحرام ، وإن أراد دخول البستان ; لأن دخول مكة لم يبد له ، وإنما هو مقصوده الأصلي وحينئذ يشكل قولهم ، وهذه حيلة الآفاقي إلخ ، وقد أشار إلى هذا الإشكال في شرح اللباب ثم قال : والوجه في الجملة أن يقصد البستان قصدا أوليا ، ولا يضره دخول الحرم بعده قصدا ضمنيا أو عارضيا كما إذا قصد مدني جدة لبيع وشراء أولا ويكون في خاطره أنه إذا فرغ منه أن يدخل مكة ثانيا بخلاف من جاء من الهند بقصد الحج أولا ويقصد دخول جدة تبعا ، ولو قصد بيعا وشراء . ا هـ .

                                                                                        ولا تنس ما مر قبيل باب الإحرام أن من كان داخل المواقيت فميقاته الحل فلا يدخل الحرم عند قصد النسك إلا محرما ، وعليه فمن قصد البستان قصدا أوليا ثم أراد النسك لا يحل له دخول مكة بلا إحرام وانظر ما كتبناه هناك عن الشيخ قطب الدين .




                                                                                        الخدمات العلمية