( باب إضافة الإحرام إلى الإحرام ) .
لما كان ذلك جناية في بعض الصور أورده عقيب الجنايات ( قوله : مكي طاف شوطا لعمرة فأحرم بحج رفضه ، وعليه حج ، وعمرة ودم لرفضه فلو مضى عليهما صح ، وعليه دم ) بيان لحكم فإنه كما قدمناه منهي عن الجمع بينهما فإذا أدخل إحرام الحج على إحرام العمرة بعد الشروع فيها فقد ارتكب المنهي فوجب عليه الخروج عنه فقالا : رفض العمرة أولى ; لأنها أدنى حالا ، وأقل أعمالا ، وأيسر قضاء لكونها غير مؤقتة ، وقال الجمع بين الحج والعمرة من المكي : رفض الحج أولى ولهذا قال في المختصر رفضه أي الحج ; لأن إحرام العمرة قد تأكد بأداء شيء من أعمالها ، وإحرام الحج لم يتأكد ورفض غير المتأكد أيسر ; ولأن في رفض العمرة والحالة هذه إبطال العمل ، وفي رفض الحج امتناعا عنه قيد بالمكي ; لأن الآفاقي إذا أحرم بالحج بعد فعل أقل أشواط العمرة كان قارنا بلا إساءة كما لو لم يطف أصلا ، وإن كان بعد فعل الأكثر كان متمتعا إن كان في أشهر الحج ، وقيد بالشوط ، وأراد به أقل الأشواط ، ولو ثلاثة ; لأنه لو أتى بالأكثر ففي الهداية وشروحها أنه يرفض الحج بلا خلاف ; لأن للأكثر حكم الكل فيتعذر رفضها ، وفي المبسوط أنه لا يرفض واحدا منهما كما لو فرغ منها ، وعليه دم لمكان النقص بالجمع بينهما فلذا لا يأكل منه وجعله الإمام الأعظم الإسبيجابي ظاهر الرواية ونقل عن أن رفض الحج أفضل واختاره الفقيه أبي يوسف أبو الليث وقاضي خان في فتاويه ثم قال : ويمضي في عمرته ثم يقضي الحجة من عامه ذلك إن بقي وقته . ا هـ .
ولم يذكر في ظاهر الرواية أنه إذا رفض الحج يلزمه دم ، وقضاء عمرة مع الحج كما أوجبه فيما لو طاف الأقل كذا ذكره أبو حنيفة الإسبيجابي ، ولو لم يطف للعمرة أصلا فإنه يرفضها اتفاقا ويقضيها ، وعليه دم لرفضها كما لو قرن المكي فإنه يرفض العمرة ويمضي في الحج ، وأطلق في الطواف فشمل ما إذا كان في أشهر الحج أو لا كما في المبسوط ، وأشار إلى أنه لو فإنه يرفضها اتفاقا ويقضيها ، وعليه دم لرفضها كما لو لم يطف وسيأتي أنه إن مضى عليهما وجب عليه دم ، وقد ظهر بما قررناه أولا أن رفض الحج في مسألة الكتاب إنما هو مستحب ، وليس بواجب حتى إذا رفض العمرة صح ولهذا قال في الهداية : وعليه دم بالرفض أيهما رفضه ; لأنه تحلل قبل أوانه لتعذر المضي فيه فكان في معنى المحصر إلا أن في رفض العمرة قضاءها لا غير ، وفي رفض الحج قضاؤه وعمرة ; لأنه في معنى فائت الحج . ا هـ . أحرم أولا بالحج وطاف له شوطا ثم أحرم بالعمرة
ولم يذكر بماذا يكون رافضا ؟ . وينبغي أن يكون الرفض بالفعل بأن يلحق مثلا بعد الفراغ من أعمال العمرة ، ولا يكتفي بالقول أو بالنية ; لأنه جعله في الهداية تحللا ، وهو لا يكون إلا بفعل شيء من محظورات الإحرام ، وقال : الولوالجي في فتاواه [ ص: 55 ] وتحليل الرجل لامرأته أن ينهاها ويصنع بها أدنى ما يحرم عليه بالإحرام ، ولا يكون التحليل بالنهي ، ولا بقوله قد حللتك ; لأن التحليل شرع بالفعل دون القول . ا هـ .
بخلاف ما إذا أحرم بحجتين ، وإن رفض أحدهما بشروعه في الأعمال على ظاهر الرواية كما سيأتي من غير تحليل ; لأنه لا يمكن المضي فيهما ، وهنا يمكن المضي فيهما فإنه إن مضى عليهما أجزأه ; لأنه أدى أفعالهما كما التزمهما غير أنه منهي عنه والنهي لا يمنع تحقق الفعل على ما عرف من أصلنا ، وعليه دم لجمعه بينهما ; لأنه تمكن النقص في عمله لارتكابه المنهي عنه ، وهو في حق المكي دم جبر ، وفي حق الآفاقي دم شكر ، وأطلق في قوله ، وعليه حجة ، وعمرة ودم ، وهو كذلك في وجوب الدم ، وأما في وجوب العمرة فمقيد بما إذا لم يحج من سنته أما إذا حج من سنته فلا عمرة عليه ; لأن وجوب العمرة مع الحج إنما هو لكونه في معنى فائت الحج ، وإذا حج من سنته فليس في معناه كالمحصر إذا تحلل ثم حج في تلك السنة لا تجب العمرة عليه بخلاف ما إذا تحولت السنة ووقع في نسخة الزيلعي الشارح أنه أبدل العمرة بالدم فقال : إذا حج من سنته ينبغي أن لا يجب عليه الدم ، وهو سبق قلم كما لا يخفى ، والرفض الترك ، وهو من بابي طلب وضرب كذا في المغرب .