( فصل في المحرمات ) .
شروع في بيان شرط النكاح أيضا فإن منه كون المرأة محللة لتصير محلا له وأفرد بفصل على حدة لكثرة شعبه ، واختلف الأصوليون في إضافة التحريم إلى الأعيان ، فقيل : مجاز والمحرم حقيقة الفعل ، ورجحوا أنه حقيقة وانتفاء محلية المرأة للنكاح شرعا بأسباب تسعة : الأول المحرمات بالنسب : وهن فروعه وأصوله وفروع أبويه وإن نزلوا وفروع أجداده وجداته إذا انفصلوا ببطن واحد . الثاني المحرمات بالمصاهرة : وهن فروع نسائه المدخول بهن وأصولهن وحلائل فروعه وحلائل أصوله ، والثالث المحرمات بالرضاع وأنواعهن كالنسب ، والرابع حرمة الجمع بين المحارم وحرمة الجمع بين الأجنبيات كالجمع بين الخمس ، والخامس حرمة التقديم وهو تقديم الحرة على الأمة جعله في النهاية والمحيط قسما على حدة وأدخله الزيلعي في حرمة الجمع ، فقال : وحرمة الجمع بين الحرة والأمة والحرة متقدمة وهو الأنسب ، والسادس المحرمة لحق الغير كمنكوحة الغير ومعتدته والحامل بثابت النسب ، والسابع المحرمة لعدم دين سماوي كالمجوسية والمشتركة ، والثامن المحرمة للتنافي كنكاح السيدة مملوكها ، والتاسع لم يذكره الزيلعي وكثير وهو المحرمة بالطلقات الثلاث ذكره في المحيط والنهاية ، وقد ذكر المصنف في هذا الفصل سبعة منها ، وذكر المحرمة بالطلقات الثلاثة في فصل من تحل به [ ص: 99 ] المطلقة ثلاثا من الرجعة ولم يصرح بالحرمة لحق الغير لظهوره ( قوله حرم تزوج أمه وبنته وإن بعدتا ) لقوله تعالى { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم } واختلف في توجيه حرمة الجدات وبنات البنات ، فقيل بوضع اللفظ وحقيقته ; لأن الأم في اللغة الأصل والبنت الفرع فيكون الاسم حينئذ من قبيل المشكك ، وقيل بمجازه لا أنه جمع بين الحقيقة والمجاز بل بعموم المجاز فيراد بالأم الأصل أيضا وبالبنت الفرع فيدخلان في عمومه والمعرف لإرادة ذلك في النص الإجماع على حرمتهن ، وقيل بدلالة النص المحرم للعمات والخالات وبنات الأخ والأخت ففي الأول ; لأن الأشقاء منهن أولاد الجدات فتحريم الجدات وهن أقرب أولى وفي الثاني ; لأن بنات الأولاد أقرب من بنات الإخوة وكل من التوجيهات صحيح ودخل في البنت بنته من الزنا فتحرم عليه بصريح النص المذكور ; لأنها بنته لغة والخطاب إنما هو باللغة العربية ما لم يثبت نقل كلفظ الصلاة ونحوه فيصير منقولا شرعا ، وكذا أخته من الزنا وبنت أخيه وبنت أخته أو ابنه منه بأن زنى أبوه أو أخوه أو أخته أو ابنه فأولدوا بنتا فإنها تحرم على الأخ والعم والخال والجد ، وصورته في هذه المسائل : أن يزني ببكر ويمسكها حتى تلد بنتا كما في فتح القدير من بحث إن الزنا يوجب المصاهرة ، ودخل بنت الملاعنة أيضا فلها حكم البنت هنا فلو لاعن فنفى القاضي نسبها من الرجل وألحقها بالأم لا يجوز للرجل أن يتزوجها ; لأنه بسبيل من أن يكذب نفسه ويدعيها فيثبت نسبها منه كذا في فتح القدير . ، وقد قدمنا في باب المصرف عن المعراج أن ولد أم الولد الذي نفاه لا يجوز دفع الزكاة إليه ، ومقتضاه ثبوت البنتية فيما يبنى على الاحتياط فلا يجوز لولده أن يتزوجها ; لأنها أخته احتياطا ويتوقف على نقل ويمكن أن يقال في بنت الملاعنة إنها تحرم باعتبار أنها ربيبة ، وقد دخل بأمها لا لما تكلفه في الفتح كما لا يخفى .


