( قوله وبين امرأتين ، أية فرضت ذكرا حرم النكاح ) أي حرم الجمع بين امرأتين إذا كانتا بحيث لو قدرت إحداهما ذكرا حرم النكاح بينهما أيتهما كانت المقدرة ذكرا كالجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها والجمع بين الأم والبنت نسبا أو رضاعا لحديث مسلم { لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على ابنة أخيها ولا على ابنة أختها } ، وهذا مشهور يجوز تخصيص عموم الكتاب { وأحل لكم ما وراء ذلكم } به ويدل على اعتبار الأصل المذكور ما ثبت في الحديث برواية الطبراني وهو قوله { فإنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم } .
ولرواية أبي داود { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على قرابتها مخافة القطيعة } فأوجب تعدي الحكم المذكور إلى كل قرابة يفرض وصلها وهو ما تضمنه الأصل المذكور فيتخرج عليه حرمة الجمع بين عمتين وخالتين وذلك أن يتزوج كل من الرجلين أم الآخر فيولد لكل منهما بنت فتكون كل من البنتين عمة للأخرى أو يتزوج كل من رجلين بنت الآخر ويولد لهما بنتان فكل من البنتين خالة للأخرى ، وبما قرر علم أن العلة خوف القطيعة وظهر به ضعف ما قدمناه عن المبسوط من أن العلة ليس ذلك إذ لا قرابة بين [ ص: 105 ] الأختين رضاعا .
وجوابه أن حرمة الجمع بينهما للحديث { يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب } والمراد بالحرمة في قوله حرم النكاح الحرمة المؤبدة أما المؤقتة فلا تمنع ، ولذا لو تزوج أمة ثم سيدتها فإنه يجوز كما في الجامع والزيادات ; لأنها حرمة موقتة بزوال ملك اليمين ، وقيل : لا يجوز تزوج السيدة عليها نظرا إلى مطلق الحرمة كما في القنية وقيد بقوله أية فرضت ; لأنه لو جاوز نكاح إحداهما على تقدير مثل المرأة وبنت زوجها أو امرأة ابنها فإنه يجوز الجمع بينهما عند الأئمة الأربعة ، وقد جمع عبد الله بن جعفر بين زوجة علي وبنته ولم ينكر عليه أحد ، وبيانه أنه لو فرضت بنت الزوج ذكرا بأن كان ابن الزوج لم يجز له أن يتزوج بها ; لأنها موطوءة أبيه ولو فرضت المرأة ذكرا لجاز له أن يتزوج ببنت الزوج ; لأنها بنت رجل أجنبي ، وكذلك بين المرأة وامرأة ابنها فإن المرأة لو فرضت ذكرا لحرم عليه التزوج بامرأة ابنه ولو فرضت امرأة الابن ذكرا لجاز له التزوج بالمرأة ; لأنه أجنبي عنها قالوا : ولا بأس أن يتزوج الرجل امرأة ويتزوج ابنه أمها أو بنتها ; لأنه لا مانع ، وقد تزوج محمد بن الحنفية امرأة وزوج ابنه بنتها .
[ ص: 105 ]


