الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وإذا اجتمع خيار البلوغ والشفعة تقول أطلب الحقين ثم تبتدئ في التفسير بخيار البلوغ ، وقيد بالبكر ; لأنها لو كانت ثيبا كما لو دخل بها الزوج قبل البلوغ أو كانت ثيبا وقت العقد فإنه لا يبطل بسكوتها فهي كالغلام لا بد من الرضا بالقول أو بفعل دال عليه ، وحاصله : أن وقت خيارهما العمر ; لأن سببه عدم الرضا فيبقى إلى أن يوجد ما يدل على الرضا ، على هذا تظافرت كلمتهم كما في غاية البيان فما نقل عن الطحاوي حيث قال : خيار المدركة يبطل بالسكوت إذا كانت بكرا وإن كانت ثيبا لم يبطل به ، وكذا إذا كان الخيار للزوج لا يبطل إلا بصريح الإبطال أو يجيء منه دليل على إبطال الخيار كما إذا اشتغلت بشيء آخر وأعرضت عن الاختيار بوجه من الوجوه ، مشكل إذ يقتضي أن الاشتغال بعمل آخر يبطله ، وهذا تقييد بالمجلس ضرورة إذ تبدله حقيقة أو حكما يستلزمه ظاهرا وفي الجوامع وإن كانت ثيبا حين بلغها أو كان غلاما لم يبطل بالسكوت وإن أقامت معه أياما إلا أن ترضى بلسانها أو يوجد ما يدل على الرضا من الوطء أو التمكين منه طوعا أو المطالبة بالمهر أو النفقة ، وفيه : لو قالت كنت [ ص: 132 ] مكرهة في التمكين صدقت ولا يبطل خيارها .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله وإذا اجتمع خيار البلوغ والشفعة إلخ ) قال الرملي هذا قول ، وقيل بالشفعة وفي جامع الفصولين ولو ثبت للبكر خيار البلوغ والشفعة تقول طلبت الحقين ثم تفسر وتبدأ بالاختيار ، وقيل بالشفعة ، وقيل تطلب الشفعة وتبكي صراخا فيصير هذا البكاء ردا للنكاح على قول من يجعله ردا له ، أقول : لا أدري ما وجه تعيين البداءة بأحدهما في التفسير بعد طلب الحقين جملة ؟ فإنا حيث اعتبرناه هو المانع من السقوط فلا يضر تقديم أحدهما على الآخر ولا يبطل المؤخر ; لأنه ثبت بالإجمال المتقدم والألف واللام فيه جامعة لهما ولو قيل لا حاجة إلى التفسير بعده أصلا لكان له وجه وجيه وأيضا فيه تضييق وتعسير ونوع حرج وذلك مرفوع . والظاهر أن متقدمي أئمتنا ذكروا المسألة ومنهم من قال على سبيل المثال تقول طلبتهما نفسي والشفعة ومنهم من قال على سبيل الشفعة ونفسي فتوهم بعض المتأخرين أن ذلك على سبيل الحتم واللزوم وليس كذلك بل تقدم في التفسير أيا شاءت تأمل .




                                                                                        الخدمات العلمية