الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله من نكحت غير كفء فرق الولي ) لما ذكرنا ، وهذا ظاهر في انعقاده صحيحا وهو ظاهر الرواية عن الثلاثة فتبقى أحكامه من إرث وطلاق وقدمنا أنه يشترط في هذه الفرقة قضاء القاضي فلو قال المصنف فرق القاضي بينهما بطلب الولي لكان أظهر وقدمنا أنها لا تكون طلاقا وأن المفتى به رواية الحسن عن الإمام من عدم الانعقاد أصلا إذا كان لها [ ص: 138 ] ولي لم يرض به قبل العقد فلا يفيد الرضا بعده فلو قال المصنف من نكحت غير كفء بغير رضا الولي لكان أولى ، وأما تمكينها من الوطء فعلى المفتى به هو حرام كما يحرم عليه الوطء لعدم انعقاده ، وأما على ظاهر الرواية ففي الولوالجية أن لها أن تمنع نفسها ا هـ .

                                                                                        ولا تمكنه من الوطء حتى يرضى الولي هكذا اختار الفقيه أبو الليث وإن كان هذا خلاف ظاهر الجواب ; لأن من حجة المرأة أن تقول إنما تزوجت بك رجاء أن يجيز الولي والولي عسى يخاصم فيفرق بيننا فيصير هذا وطئا بشبهة ا هـ .

                                                                                        وفي الخلاصة وكثير من مشايخنا أفتوا بظاهر الرواية أنها ليس لها أن تمنع نفسها ا هـ .

                                                                                        وهذا يدل على أن كثيرا من المشايخ أفتوا بانعقاده ، فقد اختلف الإفتاء

                                                                                        وأطلق في الولي فانصرف إلى الكامل وهو العصبة كما قيده به في الخانية لا من له ولاية النكاح عليها لو كانت صغيرة فلا يدخل ذو الأرحام في هذا الحكم ولا الأم ولا الأخت كذا في فتح القدير وفي الخلاصة والخانية والذي يلي المرافعة هو المحارم وعند بعضهم المحارم وغيرهم سواء وهو الأصح ا هـ .

                                                                                        يعني : لا فرق في العصبة بين أن يكون محرما أو لا كما ذكره الولوالجي أنه المختار وشمل كلامه ما إذا تزوجت غير كفء بغير رضا الولي بعد ما زوجها الولي أولا منه برضاها وفارقته فللولي التفريق ; لأن الرضا بالأول لا يكون رضا بالثاني وشمل ما إذا كانت مجهولة النسب فتزوجت رجلا ثم أعادها رجل من قريش وأثبت القاضي نسبها منه وجعلها بنتا له وزوجها حجاما فلهذا الأب أن يفرق بينها وبين زوجها ولو لم يكن ذلك لكن أقرت بالرق لرجل لم يكن لمولاها أن يبطل النكاح بينهما كذا في الذخيرة وفيها أيضا لو زوج أمة له صغيرة رجلا ثم ادعى أنها بنته ثبت النسب والنكاح على حاله إن كان الزوج كفؤا وإن لم يكن كفؤا فهو في القياس لازم ولو باعها ثم ادعى المشتري أنها بنته فكذلك ا هـ .

                                                                                        وإذا فرق القاضي بينهما فإن كان بعد الدخول فلها المسمى وعليها العدة ولها النفقة فيها والخلوة الصحيحة كالدخول وإن كان قبلهما فلا مهر لها ; لأن الفرقة ليست من قبله هكذا في الخانية وهو تفريع على انعقاده ، وأما على المفتى به فينبغي أن يجب الأقل من المسمى ومن مهر المثل وأن لا نفقة لها في هذه العدة كما لا يخفى وفي الخانية وإن زوجها الولي غير كفء ودخل بها ثم بانت منه بالطلاق ثم زوجت نفسها هذا الزوج بغير ولي ثم فرق القاضي بينهما قبل الدخول كان على الزوج كل المهر الثاني وعليها عدة في المستقبل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا مهر على الزوج وعليها بقية العدة الأولى ، وذكر لها نظائر تأتي في كتاب العدة وينبغي أن يكون تفريعا على ظاهر الرواية أما على المفتى به فإنه لا يجب المهر الثاني بالاتفاق ; لأنه نكاح فاسد كما صرح به في الخانية فيما إذا كان النكاح الثاني فاسدا وقيد بالنكاح ; لأن له المراجعة إذا طلقها رجعيا بعد ما زوجها الولي غير كفء برضاها كذا في الذخيرة .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله وقدمنا ) أي في شرح قوله : ولهما خيار الفسخ بالبلوغ وقوله وإن المفتى به إلخ ذكره في شرح قوله : نفذ نكاح حرة رملي . ( قوله إذا كان لها ولي [ ص: 138 ] لم يرض به قبل العقد ) قال الرملي قيد بقوله إذا كان لها ولي ; لأنه إذا لم يكن فقد قال الشيخ قاسم وينبغي أن يقيد عدم الصحة المفتى به بما إذا كان لها أولياء أحياء ; لأن عدم الصحة إنما كان على ما وجه به هذه الرواية دفعا لضررهم فإنهم يتضررون أما ما يرجع إلى حقها فقد سقط برضاها بغير الكفء ا هـ .

                                                                                        قلت : قد صرح بذلك المؤلف هناك ، ونقل الاتفاق عليه حيث قال : وهذا كله إذا كان لها أولياء أما إذا لم يكن لها ولي فهو صحيح مطلقا اتفاقا .




                                                                                        الخدمات العلمية