الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وأما الرابع وهو الديانة ففسرها في غاية البيان بالتقوى والزهد والصلاح ، وإنما لم يقل والدين ; لأنه بمعنى الإسلام فيلزم التكرار وإن أريد بالأول إسلام الآباء وهنا إسلام الزوج لم يصح ; لأن إسلام الزوج ليس من الكفاءة ، وإنما هو شرط جواز النكاح واعتبار التقوى فيها قول أبي حنيفة وأبي يوسف وهو الصحيح ; لأنه من أعلى المفاخر والمرأة تعير بفسق الزوج فوق ما تعير بضعة نسبه وقال محمد لا تعتبر ; لأنه من أمور الآخرة فلا تبتنى أحكام الدنيا عليه إلا إذا كان يصفع ويسخر منه أو يخرج إلى الأسواق سكران ويلعب به الصبيان ; لأنه مستخف به كذا في الهداية وفي فتح القدير معزيا إلى المحيط أن الفتوى على قول محمد ولعله المحيط البرهاني فإنه لم أجده في المحيط الرضوي وهو موافق لما صححه في المبسوط من أنها لا تعتبر عند أبي حنيفة وتصحيح الهداية [ ص: 142 ] معارض له فالإفتاء بما في المتون أولى فلا يكون الفاسق كفؤا للصالحة بنت الصالحين سواء كان معلنا بالفسق أو لا كما في الذخيرة ووقع لي تردد فيما إذا كانت صالحة دون أبيها أو كان أبوها صالحا دونها هل يكون الفاسق كفؤا لها أو لا ؟ فظاهر كلام الشارحين أن العبرة لصلاح أبيها وجدها فإنهم قالوا لا يكون الفاسق كفؤا للصالحة بنت الصالحين واعتبر في الجميع صلاحها ، فقال فلا يكون الفاسق كفؤا للصالحة وفي الخانية لا يكون الفاسق كفؤا للصالحة بنت الصالحين فاعتبر صلاح الكل . والظاهر أن الطلاح منها أو من آبائها كاف لعدم كون الفاسق كفؤا لها ولم أره صريحا وظاهر كلامهم أن التقوى معتبرة في حق العرب والعجم فلا يكون العربي الفاسق كفؤا للصالحة عربية كانت أو عجمية .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله وفي فتح القدير معزيا إلى المحيط أن الفتوى على قول محمد ) [ ص: 142 ] الذي في التتارخانية عن المحيط ، وقيل عليه الفتوى ومثله في الرمز معزيا إلى المحيط البرهاني ، وكذا في الذخيرة عبر بقيل ( قوله فإنهم قالوا لا يكون الفاسق كفؤا للصالحة بنت الصالحين ) لفظ الصالحة زائد من الكاتب فإن الذي في شروح الهداية كالفتح والمعراج وغاية البيان لو نكحت امرأة من بنات الصالحين فاسقا كان للأولياء حق الرد . ا هـ . ( قوله . والظاهر أن الصلاح منها أو من آبائها كاف ) قال في النهر ما في الخانية يقتضي اعتبار الصلاح من حيث الآباء فقط حيث قال : إذا كان الفاسق محترما معظما عند الناس كأعوان السلطان يكون كفؤا لبنات الصالحين ، ثم قال وقال بعض مشايخ بلخ لا يكون كفؤا لبنت الصلاح معلنا كان أو لا ، وهو اختيار ابن الفضل ، وهذا هو الظاهر ويؤيده ما مر عن المحيط وحينئذ فلا اعتبار بفسقها والله تعالى الموفق . ا هـ .

                                                                                        ولا يخفى أن ما ذكره المؤلف عن الخانية أيضا يقتضي اعتباره من جهتها أيضا فالواجب التوفيق بما قالهالمؤلف أو باشتراط الصلاح من الجهتين ويؤيده قول القهستاني في شرح قوله فليس فاسق كفؤا لبنت صالح ما نصه وهي صالحة ، وإنما لم يذكر ; لأن الغالب أن تكون البنت صالحة بصلاحه ا هـ .

                                                                                        فجعل صلاحها شرطا كصلاح آبائها وعليه يحمل كلام الشارحين ثم رأيته في الرمز صرح بذلك حيث قال قلت : اقتصارهم بناء على أن صلاحها يعرف بصلاحهم لخفاء حال المرأة غالبا لا سيما الأبكار والصغائر ا هـ .

                                                                                        وفي الحواشي اليعقوبية قوله فليس فاسق كفء بنت صالح فيه كلام وهو أن بنت الصالح يحتمل أن تكون فاسقة فيكون كفؤا كما صرحوا به ، والأولى ما في المجمع وهو أن الفاسق ليس كفؤا للصالحة إلا أن يقال الغالب أن بنت الصالح صالحة وكلام المصنف بناء على الغالب . ( قوله : وظاهر كلامهم أن التقوى معتبرة إلخ ) قال في النهر صرح بهذا في إيضاح الإصلاح على أنه المذهب .




                                                                                        الخدمات العلمية