( قوله ولو فلا مهر لها ، وكذا الحربيان ثم ) بيان لمهور الكفار بعد بيان مهور المسلمين وسيأتي بيان أنكحتهم فقوله في غاية البيان أن هذا بيان لأنكحتهم سهو وحاصله أن نكاحهم مشروع [ ص: 201 ] بغير مهر وبمسمى غير مال حيث كانوا يعتقدونه عند نكح ذمي ذمية بميتة أو بغير مهر وذا جائز عندهم فوطئت أو طلقت قبله أو مات عنها لا فرق عنده بين أهل الذمة وأهل الحرب في دار الحرب وهما وافقاه في أهل الحرب وقالا في الذمية لها مهر مثلها إن مات عنها أو دخل بها والمتعة إن طلقها قبل الدخول أبي حنيفة أوجب مهر المثل في الكل ; لأن الشرع وقع عاما فيثبت الحكم على العموم ولهما أن أهل الحرب غير ملتزمين أحكام الإسلام وولاية الإلزام منقطعة بتباين الدارين بخلاف وزفر أهل الذمة ; لأنهم التزموا أحكامنا فيما يرجع إلى المعاملات كالزنا والربا وولاية الإلزام متحققة لاتحاد الدارين أن ولأبي حنيفة أهل الذمة لا يلتزمون أحكامنا في الديانات وفيما يعتقدون خلافه في المعاملات وولاية الإلزام بالسيف والمحاجة وكل ذلك منقطع عنهم باعتبار عقد الذمة فإنا أمرنا بتركهم وما يدينون فصاروا كأهل الحرب بخلاف الزنا ; لأنه حرام في الأديان كلها والربا مستثنى من عقودهم لقوله عليه السلام { } أطلق في الذمي فشمل الكتابي والمجوسي وأراد بالميتة كل ما ليس بمال كالدم إلا من أربى فليس بيننا وبينه عهد
واختلف في قوله أو بغير مهر ، فقيل المراد به ما إذا نفياه أما إذا سكتا عنه فإنه يجب مهر المثل والأصح أنه لا فرق عنده بين نفيه والسكوت عنه كما في الهداية وفي فتح القدير إن ظاهر الرواية وجوب مهر المثل عنده إذا سكتا عنه مخالفا لما في الهداية ; لأن النكاح معاوضة فما لم ينص على نفيه يكون مستحقا لها والواو في قوله وذا جائز للحال وقوله فلا مهر جواب المسألة وضبط في غاية البيان إلا من أربى أنه حرف التنبيه لا استثناء وقيد المصنف بالمهر ; لأن بقية أحكام النكاح ثابتة في حقهم كالمسلمين من وجوب النفقة في النكاح ووقوع الطلاق والعدة والتوارث بالنكاح الصحيح كالنسب وثبوت خيار البلوغ وحرمة نكاح المحارم والمطلقة ثلاثا كما في التبيين وظاهره أنه متفق عليه
وأما الكفاءة ففي الخانية أن الذمية إذا زوجت نفسها رجلا لم يكن لوليها حق الفسخ إلا أن يكون أمرا ظاهرا بأن زوجت بنت ملكهم أو حبرهم نفسها كناسا أو دباغا منهم أو نقصت من مهرها نقصانا فاحشا كان لأوليائها أن يطالبوه بالتبليغ إلى تمام مهر المثل أو يفسخ ا هـ .
وفائدة عدم المهر في هذه المسائل أنهما لو أسلما أو أحدهما أو ترافعا أو أحدهما إلينا لا نحكم به ومسألة خطاب الكفار وتفاصيلها أصولية لم تذكر عن وأصحابه ، وإنما هي مستنبطة وتمامه في كتابنا المسمى بلب الأصول . أبي حنيفة