( باب نكاح الرقيق ) .
ذكره بعد نكاح الأحرار المسلمين مقدما على نكاح الكفار لأن الإسلام فيهم غالب ، والرقيق في اللغة : العبد ، ويقال للعبيد كذا في المغرب ، والمراد به هنا : المملوك من الآدمي لأنهم قالوا : إن فهو رقيق لا مملوك وإذا أخرج فهو مملوك أيضا فعلى هذا فكل مملوك من الآدمي رقيق لا عكسه ( قوله : لم يجز الكافر إذا أسر في دار الحرب إلا بإذن السيد ) أي لا ينفذ فالمراد بعدم الجواز عدم النفاذ لا عدم الصحة بقرينة سابقه في فصل الوكالة بالنكاح حيث صرح بأنه موقوف كعقد الفضولي لقوله عليه السلام { نكاح العبد ، والأمة و المكاتب ، والمدبر وأم الولد } حسنه أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر الترمذي ، والعهر الزنا وهو محمول على ما إذا وطئ بمجرد العقد وهو زنا شرعي لا فقهي فلم يلزم منه وجوب الحد لأنه مترتب على الزنا الفقهي كما سيأتي ولأن في تنفيذ نكاحهما تعييبهما إذ النكاح عيب فيهما فلا يملكانه بدون إذن مولاهما وكذلك المكاتب لأن الكتابة أوجبت فك الحجر في حق الكسب فبقي في حق النكاح على حكم الرق ولهذا لا يملك المكاتب تزويج عبده ويملك تزويج أمته لأنه من باب الاكتساب وكذا وتملك تزويج أمتها لما قلنا المكاتبة لا تملك تزويج نفسها بدون إذن المولى
وكذا المدبر وأم الولد لأن الملك فيهما قائم ودخل في المكاتب معتق البعض لا يجوز نكاحه عند أبي حنيفة وعندهما يجوز لأنه حر مديون ودخل في أم الولد ابنها أي ابنها من غير مولاها كما إذا فحكمه حكم أمه وأما ولدها من مولاها فحر ويستثنى من قولهم ابن أم الولد من غير المولى كأمه مسألة ذكرها في المبسوط من باب الاستيلاد لو زوج أم ولده من غيره فجاءت بولد من زوجها بأن اشترى ابن أم ولد له من غيره فالجارية تكون أم ولد له وولده حر وولدها من غيره له بيعه ا هـ . إلا أن يقال إنها حين ولدته لم تكن أم ولد له فلا استثناء . استولد جارية بالنكاح ثم فارقها فزوجها المولى من غيره فولدت ثم اشترى الجارية مع الولدين
وأطلق في نكاحه فشمل ما إذا تزوج بنفسه وما إذا زوجه غيره وقيد بالنكاح لأن التسري للعبد و المكاتب ، والمدبر حرام مطلقا كذا في شرح وقال في فتح القدير [ ص: 203 ] فرع مهم للتجار ربما يدفع لعبده جارية ليتسرى بها ولا يجوز للعبد أن يتسرى أصلا أذن له مولاه أو لم يأذن لأن حل الوطء لا يثبت شرعا إلا بملك اليمين أو عقد النكاح وليس للعبد ملك يمين فانحصر حل وطئه في عقد النكاح ا هـ . الطحاوي
وشمل السيد الشريكين فلا يجوز نكاح المشترك إلا بإذن الكل لما في الظهيرية لو فللآخر النقض فإن نقض فله نصف مهر المثل وللزوج الأقل من نصف مهر المثل ومن نصف المسمى ا هـ . زوج أحد الموليين أمته ودخل بها الزوج
وشمل ورثة سيد المكاتب لما في التجنيس إذا جاز لأنهم لم يملكوا رقبته لأنه صار كالحر ولكن الولاء لهم ا هـ . أذن الورثة للمكاتب بالنكاح
وبهذا علم أن السيد هنا من له ولاية تزويج الرقيق ولو غير مالك له ولهذا كان للأب ، والجد ، والقاضي ، والوصي تزويج أمة اليتيم وليس لهم تزويج العبد لما فيه من عدم المصلحة ، وملك المكاتب ، والمفاوض تزويج الأمة ولا يملكان تزويج العبد لما ذكرنا فخرج العبد المأذون ، والمضارب وشريك العنان فإنهم لا يملكون تزويج الأمة أيضا خلافا وفي جامع الفصولين : القاضي لا يملك تزويج أمة الغائب وقنه ، وإن لم يكن له مال ويملك أن يكاتبهما وأن يبيعهما ا هـ . لأبي يوسف
وفي الظهيرية : لا يجوز ، الوصي لو زوج أمة اليتيم من عبده جاز عند والأب إذا زوج جارية ابنه من عبد ابنه خلافا أبي يوسف ا هـ . لزفر
وهذا يستثنى من قولهم : لا يجوز للأب تزويج عبد الابن بأن يقال إلا من جارية الابن لكن في المبسوط لا يجوز في ظاهر الرواية فلا استثناء ثم اعلم أن نكاح العبد حالة التوقف سبب للحال متأخر حكمه إلى وقت الإجازة فبالإجازة ظهر الحل من وقت العقد كالبيع الموقوف سبب للحال فإذا زال المانع من ثبوت الحكم بوجود الإجازة ظهر أثره من وقت وجوده ، وقد ملك الزوائد بخلاف تفويض الطلاق الموقوف لا يثبت حكمه إلا من وقت الإجازة ولا يستند لأنه مما يقبل التعليق فجعل الموجود من الفضولي متعلقا بالإجازة فعندها يثبت للحال بخلاف الأولين لعدم صحة تعليقهما وهذا هو الضابط فيما يستند وما يقتصر من الموقوف .