( قوله : فلو نكح عبد بإذنه بيع في مهرها ) أي بإذن السيد لأنه دين وجب في رقبة العبد لوجود سببه من أهله ، وقد ظهر في حق المولى لصدور الإذن من جهته فيتعلق برقبته دفعا للمضرة عن أصحاب الديون كما في دين التجارة فيباع فيه إلا إذا فداه المولى لحصول المقصود وهو دفع المضرة عن صاحب الدين وأفاد المصنف باقتصاره على البيع المنصرف إلى مرة واحدة أنه لو بيع فلم يف ثمنه بالمهر لا يباع ثانيا ويطالب بالباقي بعد العتق وفي دين النفقة يباع مرة بعد أخرى لأنه تجب شيئا فشيئا وفي المبسوط فإذا اجتمع عليه من النفقة ما يعجز عن أدائه يباع فيه ثم إذا اجتمع عليه النفقة مرة أخرى يباع فيه أيضا وليس في شيء من ديون العبد ما يباع فيه مرة بعد أخرى إلا النفقة لأنه يتجدد وجوبها بمضي الزمان وذلك في حكم دين حادث ا هـ .
وهو يفيد أنه لو اجتمع عليه مثلا مائتان فبيع بمائة لا يباع ثانيا للنفقة المتجمدة
وإنما يباع لما سيأتي وستزداد وضوحا في النفقات إن شاء الله تعالى وعلل في معراج الدراية لعدم تكرار [ ص: 204 ] بيعه في المهر بأنه بيع في جميع المهر فيفيد أنه لو بيع في مهرها المعجل ثم حل الأجل يباع مرة أخرى لأنه إنما بيع في بعضه وظاهر كلامهم في المأذون المديون أنه يباع لأجل الدين القليل فكذلك يباع لأجل المهر القليل حيث لم يفده وأشار بالبيع إلى أنه لو مات العبد سقط المهر ، والنفقة ذكره التمرتاشي وأطلقه فشمل ما إذا دخل العبد بها أولا وقيد بالإذن لأنه لو نكح بغير إذن فإن لم يدخل فلا حكم له ، وإن دخل فلا يخلو إما أن يفرق بينهما المولى بعده أو يجيز النكاح
فإن فرق بينهما فلا مهر لها عليه حتى يعتق لأنه دين لم يظهر في حق المولى فصار كدين أقر به العبد ، وإن أجازه المولى بعده فالقياس أن يجب مهران مهر بالدخول ومهر بالإجازة كما في النكاح الفاسد إذا جدده صحيحا وفي الاستحسان لا يلزمه إلا المسمى لأن مهر المثل لو وجب لوجب باعتبار العقد وحينئذ يجب بعقد واحد مهران وأنه ممتنع كذا في المحيط وغيره ودل كلامه أن السيد لو زوجه بنفسه فإنه يباع بالأولى وفي القنية فالمهر في رقبة الغلام يدور معه أينما دار هو الصحيح كدين الاستهلاك وقيل المهر في الثمن ا هـ . باع عبده بعدما زوجه امرأة
وكل من القولين مشكل لأنهم جعلوا المهر كدين التجارة ، وقد نقلوا في باب المأذون أن ردوا البيع وأخذوه ، وإن كان المشتري عيب العبد فهم بالخيار إن شاءوا ضمنوا السيد قيمته أو ضمنوا المشتري قيمته أو أجازوا البيع وأخذوا الثمن فكذلك هنا وليس دين الاستهلاك مخالفا لدين التجارة فإنه يباع في الكل وفي القنية أيضا السيد إذا باع المديون بغير رضا أصحاب الديون تخير في تضمين المولى أو العبد ثم رقم آخر أن المولى يضمن الأقل من قيمته ومن مهرها ا هـ . : زوج عبده حرة ثم أعتقه
وفي فتاوى قاضي خان فإنها تأخذ التسعمائة بمهرها ويبطل النكاح ولا ترجع المرأة بالمائة الباقية على العبد ، وإن عتق ولو زوج عبده امرأة بألف درهم ثم باعه منها بتسعمائة درهم بعدما دخل العبد بها كان التسعمائة بين الغريم ، والمرأة يضرب الغريم فيها بألف درهم ، والمرأة بألف درهم ولا تتبعه المرأة بعد ذلك ويتبعه الغريم بما بقي من دينه إذا عتق ا هـ . كان على العبد لرجل آخر دين ألف درهم فأجاز الغريم بيع العبد من المرأة
واعلم أنهم قالوا في كتاب المأذون لو أعتق المولى المديون خير الغريم بين تضمين المولى القيمة أو اتباع العبد بجميع الدين ولا فرق بين الإعتاق بإذن الغريم أو بغير إذنه ولو دبره فإن شاء ضمن المولى قيمته ، وإن شاء استسعى العبد في جميع دينه ولو باعه فقد كتبناه ولو وهبه بغير إذن الغريم فله نقضها وبإذنه ففيه روايتان
وعلى رواية الجواز فللغريم بيعه وأخذه من الموهوب له لأنه انتقل إليه بدينه ولو جاز فإذا حل ضمن المولى قيمته فإذا رهنه أو أجره قبل حلوله جاز فإذا حل ضمن المولى قيمته في الرهن دون الإجارة وللغريم فسخها وللقاضي بيع المديون للوفاء إذا امتنع سيده لكن بحضرته فإن أراد المولى أن يؤدي قدر ثمنه فله ذلك ولا يباع الكل من المحيط وحيث علمت أن المهر كدين التجارة فهذه الأحكام أيضا للمهر وذكر كان دين العبد مؤجلا فباعه أو وهبه مولاه الحاكم في الكافي أن العبد المأذون المديون للغريم منع المولى من استخدامه ورهنه وإجارته ، والسفر به إذا كان الدين حالا ، وإن كان مؤجلا فله ذلك قبل حلوله ا هـ .
ومقتضاه ثبوت هذه الأحكام أيضا في العبد المديون بمهر امرأته فإن كان المهر حالا لا يجوز للمولى وإلا جاز وفي الكافي إذا بيع في الدين فاشتراه المولى ودفع الثمن للغرماء ولم يوفهم ثم أذن له مولاه في التجارة فلحقه دين يباع ويشترك فيه الأولون فيما بقي لهم ، والآخرون ومقتضاه لو بيع في مهرها فاشتراه المولى فلم يوف ثم وجب بيعه للنفقة أن تأخذ المرأة ما بقي لها من المهر مع النفقة وكل هذه من باب التخريج وفي الخانية لو قال المولى : لا أرضى ولا أجيز كان ردا فلو قال لا أرضى ولكن رضيت متصلا جاز استحسانا ا هـ .
وأشار بالبيع إلى [ ص: 205 ] أن مستحق المهر غير سيده فلو اختلفوا فقيل يجب المهر ثم يسقط لأن وجوبه حق الشرع ومنهم من قال : لا يجب وهذا أصح لأن الوجوب ، وإن كان حقا لله تعالى فإنما يجب للمولى ولو جاز وجوبه للمولى ساعة لجاز وجوبه أكثر من ساعة كذا في الولوالجية ولم أر من ذكر ثمرة لهذا الاختلاف ويمكن أن يقال إنها تظهر فيما لو زوج أمته من عبده فعلى قول من قال يجب ثم يسقط قال بالصحة وهو قول زوج الأب أمة الصغير من عبده ومن قال بعدم الوجوب أصلا بعدمها ، وهو قوله : أما وقد جزم بعدمها في الولوالجية من المأذون معللا بأنه نكاح للأمة بغير مهر لعدم وجوبه على العبد في كسبه للحال فلو اختلفت المرأة ، والعبد في الإذن وعدمه قال في الظهيرية أبي يوسف يفرق بينهما لإقراره أن النكاح فاسد فيلزمه كمال المهر إن كان قد دخل بها وينصف المهر إن لم يدخل بها ولها نفقة العدة ا هـ . عبد تزوج حرة ثم قال العبد : لم يأذن لي المولى ، وقد نقض النكاح هو وقالت المرأة قد أذن
وينبغي أن المولى إن صدقها فالمهر في رقبته كلا ونصفا وإلا ففي ذمته ولو قال تزوج عبد حرتين ثم دخل بإحداهما ثم تزوج أمة ثم أمة فأجاز المولى نكاحهن يجوز نكاح الحرتين لأنه ليس له أن يتزوج أمة في عدة حرة أبو حنيفة وقالا يجوز نكاح الأمة الأخيرة لأن عندهما له أن يتزوج الأمة في عدة الحرة لو تزوج أمتين في عقدة ودخل بإحداهما ثم تزوج حرتين في عقدة ودخل بإحداهما ثم أجاز المولى نكاح أحد الفريقين لم يجز نكاح شيء منهن ولو جاز نكاح الحرتين ، وإن دخل بهن فنكاحهن فاسد الكل من الظهيرية ولم يبين تزوج حرة وأمة ثم حرة وأمة فأجاز المولى الكل المصنف مهر الأمة وفي البدائع ثم كل ما وجب من مهر الأمة فهو للمولى سواء وجب بالعقد أو بالدخول وسواء كان المهر مسمى أو مهر المثل وسواء كانت الأمة قنة أو مدبرة أو أم ولد إلا المكاتبة ، والمعتق بعضها فإن المهر لها ا هـ .
وفي فتح القدير إن مهر الأمة يثبت لها ثم ينتقل إلى المولى حتى لو كان عليها دين قضي من المهر ا هـ .
وفي القنية فالمهر للبائع وفي المحيط : اشترى جارية تحت زوج قبل الدخول ثم دخل بها في ملك المشتري نصارى أنه تزوجها تقبل لأن المشهود عليه نصراني ولو كان العبد مسلما ، والمولى نصرانيا لا تقبل لما عرف ا هـ . مسلم أذن لعبده النصراني في التزوج فأقامت المرأة شهودا
وفي الظهيرية قال رجلان شهدا على رجل آخر أنه أعتق جاريته هذه وهو يجحد فقضى القاضي بالعتق ثم رجعا عن شهادتهما ثم تزوجها أحدهما إن تزوجت قبل القضاء بالقيمة عليهما يفرق بينهما وبعد القضاء جاز نكاحه ا هـ . أبو يوسف
كأنه لما في زعم الشاهد أنها أمة فلم يجز نكاحه وبعد القضاء خرجت عن ملك صاحبها لأخذه العوض فجاز نكاحه وفي المحيط لو جاز لأن الملك في رقبته يثبت لمولاها فلا يمنع الجواز ولو تزوج حرة أو مكاتبة فالنكاح فاسد لأنه لو صح يثبت الملك للمنكوحة في رقبته مقارنا للعقد وأنه مفسد له إذا طرأ فإذا قارن أولى أن يمنع جوازه فلو كان العبد مكاتبا أو مدبرا صح النكاح لأنهما لا يحتملان النقل من ملك مولاهما ويكون المهر القيمة [ ص: 206 ] ا هـ . قال لعبده : تزوج على رقبتك فتزوج على رقبته أمة أو مدبرة أو أم ولد أذن مولاها
وفي تلخيص الجامع ولو خالع على رقبتها فإن كان حرا لا يصح لقران المنافي وتبين لأن المال زائد فكان أولى بالرد من الطلاق ، وكذا القنة لو طلقها على رقبتها وتقع رجعية لأنه صريح ولو كان رقيقا صح بالمسمى لما مر ولم أر حكم إذن المولى السفيه عبده بالتزوج على قولهما من الحجر عليه ، وقد علل في الهداية لصحة نكاح السفيه بأنه من الحوائج الأصلية فظاهره أنه لا يملك نكاح عبده ، وإن قلنا بصحته لأنه تحصين للعبد فيجب أن لا يلزم في مهره ما زاد على مهر مثلها لأنه حكم نكاح المولى السفيه فعبده الأولى .