( قوله : أو ) يعني يجوز التيمم لهذه الأعذار ; لأن الماء معدوم معنى لا صورة أما إذا كان بينه وبين الماء عدو آدميا أو غيره يخاف على نفسه إذا أتاه ; فلأن إلقاء النفس في التهلكة حرام فيتحقق العجز عن استعمال الماء وسواء خاف على نفسه أو ماله كذا في العناية وفي المبتغى ولو كان خوف عدو أو سبع أو عطش أو فقد آلة يتيمم وفي التوشيح إذا عنده أمانة يخاف عليها إن ذهب إلى الماء أو خاف المديون المفلس من الحبس بأن كان صاحب الدين عند الماء وفي الخلاصة وفتاوى خافت المرأة على نفسها بأن كان الماء عند فاسق قاضي خان وغيرهما يتيمم ويصلي بالإيماء ثم يعيد إذا خرج وكذا لو الأسير في يد العدو إذا منعه الكافر عن الوضوء والصلاة ، فإنه يصلي بالتيمم ثم يعيد كالمحبوس ; لأن طهارة التيمم لم تظهر في منع وجوب الإعادة وفي التجنيس قال لعبده إن توضأت حبستك أو قتلتك قيل ينبغي أن يتيمم ويصلي ثم يعيد الصلاة بعد ما زال عنه ; لأن هذا عذر جاء من قبل العباد فلا يسقط فرض الوضوء عنه ا هـ . رجل أراد أن يتوضأ فمنعه إنسان عن أن يتوضأ بوعيد
فعلم منه أن العذر إن كان من قبل الله تعالى لا تجب الإعادة
وإن كان من قبل العبد وجبت الإعادة ثم وقع الاختلاف في فلا تجب الإعادة أو هو بسبب العبد فتجب الإعادة ذهب صاحب معراج الدراية إلى الأول وذهب صاحب النهاية إلى الثاني والذي يظهر ترجيح ما في النهاية لما نقلناه من مسألة منع السيد عبده بوعيد من الحبس أو القتل ، فإنه ليس فيه إلا الخوف لا المنع الحسي وكذا ظاهر ما نقلناه عن التجنيس كما لا يخفى لكن قد يقال لا مخالفة بين ما في النهاية والدراية ، فإن ما في النهاية محمول على ما إذا حصل وعيد من العبد نشأ منه الخوف فكان هذا [ ص: 150 ] من قبل العباد وما في الدراية محمول على ما إذا لم يحصل وعيد من العبد أصلا بل حصل خوف منه فكان هذا من قبل الله تعالى إذا لم يتقدمه وعيد بدليل أن صاحب الدراية ذكر مسألة الخوف في الأسير بدار الحرب وبه يندفع ما ذكره في فتح القدير من أن صاحب الدراية نص على مخالفة ما في النهاية كما لا يخفى ثم بعد هذا رأيت العلامة الخوف من العدو هل هو من الله ابن أمير حاج صرح بما فهمته فقال وتحرر أن المراد بالخوف من العدو الخوف الذي لم ينشأ عن وعيد من قادر عليه ونحو ذلك كما في الخوف من السبع ولا بأس بأن يكون مرادهم ذلك ، وإنما نسب هذا الخوف إلى الله تعالى في هذه الصورة مع أن فيها وفي غيرها منه تعالى أيضا خلقا وإرادة لتجرده في هذه الصورة عن مباشرة سبب له من الغير في حق الخائف وفي المحيط ولو أو لا يعيد ; لأنه انضم عذر السفر إلى العذر الحقيقي والغالب في السفر عدم الماء فتحقق العدم من كل وجه ا هـ . حبس في السفر تيمم وصلى
وأما الماء المحتاج إليه للعطش ، فإنه مشغول بحاجته والمشغول بالحاجة كالمعدوم وعطش رفيقه ودابته وكلبه لماشيته أو صيده في الحال أو ثاني الحال كعطشه وسواء كان المحتاج إليه للعطش رفيقه المخالط له أو آخر من أهل القافلة ، فإن امتنع صاحب الماء من ذلك ، وهو غير محتاج إليه للعطش وهناك مضطر إليه للعطش كان له أخذه منه قهرا وله أن يقاتله ، فإن قتل أحدهما صاحبه إن كان المقتول صاحب الماء فدمه هدر ولا قصاص فيه ولا دية ولا كفارة ، وإن كان المضطر فهو مضمون بالقصاص أو الدية والكفارة ، وإن كان صاحب الماء محتاجا إليه للعطش فهو أولى به من غيره ، فإن احتاج إليه الأجنبي للوضوء ، وكان مستغنيا عنه لم يلزمه بذله ، ولا يجوز للأجنبي أخذه منه قهرا كذا في السراج الوهاج وكذا الماء المحتاج إليه للعجين لما قلنا ، وإن كان يحتاج إليه لاتخاذ المرقة لا يتيمم ; لأن حاجة الطبخ دون حاجة العطش
وأما جوازه بفقد الآلة فلتحقق العجز ; لأنه إذا لم يجدد لوا يستقي به فوجود البئر وعدمها سواء ويشترط أن لا يمكنه إيصال ثوبه إليه أما إذا أمكنه إيصال ثوبه ويخرج الماء قليلا بالبلل لا يجوز له التيمم كذا في السراج الوهاج وفي الخلاصة ولو كان معه منديل طاهر لا يجزئه التيمم ، وهذا يوافق فروعا ذكرها الشافعية ، وهي أنه لو لزمه إدلاؤه ثم يعصره إن لم تنقص قيمة الثوب أكثر من ثمن الماء ، فإن زاد النقص على ثمن الماء تيمم ولا إعادة عليه وجد بئرا فيها ماء ولا يمكنه النزول إليه وليس معه ما يدليه إلا ثوبه أو عمامته
وإن قدر على استئجار من ينزل إليها بأجرة المثل لزمه ولم يجز التيمم ، وإلا جاز بلا إعادة ، ولو كان ، فإن كان نقصه بالشق لا يزيد على ثمن الماء وثمن آلة الاستقاء لزمه شقه ولم يجز التيمم ، وإلا جاز بلا إعادة ، وهذا كله موافق لقواعدنا كذا في التوشيح والأصل أنه متى أمكنه استعمال الماء بوجه من الوجوه من غير لحوق ضرر في نفسه أو ماله وجب عليه استعماله ، وما زاد على ثمن المثل ضرر فلا يلزمه بخلاف ثمن المثل ، وفي المبتغى بالغين المعجمة معه ثوب إن شقه نصفين وصل إلى الماء ، وإلا لم يصل لا يتيمم وقيل يتيمم وبوجود آلة التقوير في نهر جامد تحته ماء لا يتيمم وقيل يتيمم [ ص: 151 ] ا هـ . وفي سفره جمد أو ثلج ومعه آلة الذوب
والظاهر الأول منهما كما لا يخفى وفي المحيط الماء الموضوع في الفلاة في الحب ونحوه لا يمنع جواز التيمم ; لأنه لم يوضع للوضوء غالبا ، وإنما وضع للشرب إلا أن يكون الماء كثيرا فيستدل بكثرته على أنه وضع للشرب والوضوء جميعا ا هـ .
وكذا في التجنيس وفتاوى الولوالجي وقاضي خان والحب بضم الحاء الخابية وعن الإمام أبي بكر محمد بن الفضل أن الموضوع للشرب يجوز التوضؤ منه والموضوع للوضوء لا يباح منه الشرب وفي الخلاصة وغيرها إن كان الماء لأحدهم فهو أحق ، وإن كان الماء لهم لا ينبغي لأحدهم أن يغتسل ، وإن كان الماء مباحا فالجنب أحق فتتيمم المرأة وييمم الميت ولو كان مكان الحائض محدث يصرف إلى الجنب ا هـ . ثلاثة نفر في السفر جنب وحائض طهرت من الحيض وميت ومعهم من الماء قدر ما يكفي لأحدهم
وفي الظهيرية قال عامة المشايخ الميت أولى وقيل الجنب أولى ، وهو الأصح ا هـ .
وفي المحيط وينبغي أن يصرفا نصيبهما إلى غسل الميت ويتيمما فيما إذا كان مشتركا وفي التجنيس زمزم في رحله وقد رصص رأسه لا يجوز له التيمم إذا كان لا يخاف على نفسه العطش ; لأنه واجد للماء وكثيرا ما يبتلى به الحاج الجاهل ويظن أنه يجزئه والحيلة فيه أن يهبه من غيره ثم يستودع منه الماء ا هـ . رجل كان في البادية وليس معه إلا قمقمة من ماء
قال قاضي خان في فتاويه إلا أن هذا ليس بصحيح عندي ، فإنه لو رأى مع غيره ماء يبيعه بمثل الثمن أو بغبن يسير يلزمه الشراء ولا يجوز له التيمم ، فإذا تمكن من الرجوع في الهبة كيف يجوز له التيمم ا هـ .
ودفعه في فتح القدير بأنه يمكن أن يفرق بأن الرجوع تملك بسبب مكروه ، وهو مطلوب العدم شرعا فيجوز أن يعتبر الماء معدوما في حقه كذلك ، وإن قدر عليه حقيقة كماء الحب بخلاف البيع ا هـ .
وقيل الحيلة فيه أن يخلطه بماء الورد حتى يغاب عليه فلا يبقى طهورا كذا في التوشيح والمحبوس الذي لا يجد طهورا لا يصلي عندهما وعند يصلي بالإيماء ثم يعيد ، وهو رواية عن أبي يوسف تشبها بالمصلين قضاء لحق الوقت كما في الصوم ولهما أنه ليس بأهل للأداء لمكان الحدث فلا يلزمه التشبه كالحائض وبهذه المسألة تبين أن الصلاة بغير طهارة متعمدا ليس بكفر ، فإنه لو كان كفرا لما أمر محمد به وقيل كفر كالصلاة إلى غير القبلة أو مع الثوب النجس عمدا ; لأنه كالمستخف والأصح أنه لو أبو يوسف لا يكفر ; لأن ذلك يجوز أداؤه بحال ولو صلى إلى غير القبلة أو مع الثوب النجس يكفر ; لأن ذلك يحرم بكل حال فإذا صلى بغير طهارة متعمدا فقد تهاون واستخف بأمر الشرع فيكفر كذا في المحيط وقد قدمنا عن الفتاوى الظهيرية أن صلى بغير طهارة متعمدا يصلي بغير طهارة ولا يتيمم ولا يعيد ، وهذا هو الأصح فكانت الصلاة بغير طهارة نظير الصلاة إلى غير القبلة أو مع الثوب النجس فينبغي التسوية بينهما في الحكم ، وهو عدم التكفير كما لا يخفى . مقطوع اليدين والرجلين إذا كان بوجهه جراحة